للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نظرة احترام، فقد كانت كل أمة عندهم تدعى فرتنى أو ترنى١، وكانت طبقة العاهرات تتألف عادة من الإماء أو ممن أعتق منهن٢، ولم يكن العربي يعرف لهؤلاء الإماء "مساواة في الحقوق ولا مساواة في المعاملة"٣.

ويبدو أن المسألة لم تكن أكثر من نزوة جنسية، فقد كان أبغض ما يبغضه العربي أن تلد أمته منه٤، ومن هنا كانوا يستعبدون أولاد إمائهم٥، ويرفضون الاعتراف بهم إلا إذا أبدوا نجابة ممتازة، فإنهم حينئذ يلحقونهم بنسبهم٦.

وكان أسوأ هؤلاء الهجناء حظا، وأوضعهم منزلة اجتماعية، أولاد الإماء السود الذين سرى إليهم السواد من أمهاتهم، فقد كانوا سبة يعير بهم آباؤهم٧. ومرد ذلك من غير شك إلى ظاهرة اللون، فقد كان العرب يبغضون اللون الأسود بقدر ما يحبون اللون الأبيض، وقد وصفوا كل شيء ممدوح عندهم ماديا كان أو معنويا بالبياض٨، وكان مما يمدح به الرجل أو يفتخر به أنه أبيض٩،


١ نقائض جرير والفرزدق ١/ ٤١ و٦٣ و٦٤، وشرح السكري على أشعار الهذليين ١/ ٤٦ و٢٣٥. ومن معاني هاتين الكلمتين "البغي، المرأة الزانية" "انظر مادتي "ترن" و"فرتن" في المعجمات اللغوية".
٢ smith kinship and marriage in early arabia, pp. ١٦٨-١٦٩.
٣ lammens; le berceau de l'islam, vol. l, p. ٢٧٧.
٤ "إنا قوم نبغض أن تلد فينا الإماء" "الأغاني ٢٠/ ١٦٥".
٥ انظر: الأغاني ٨/ ٢٣٧، ٢٣٩، وابن قتيبة: الشعر والشعراء/ ١٣٠، والبغدادي: خزانة الأدب ١/ ٦٢.
٦ الأغاني ٨/ ٢٣٧، وانظر المثل على هذا في إلحاق عنترة بابيه في المصدر نفسه/ ٢٣٧، ٢٣٩ وفي الشعر والشعراء/ ١٣٠، ١٣١.
٧ كان لعمرو بن شأس "امرأة من قومه وابن من أمة سوداء يقال له عرار فكانت تعيره إياه" "شرح التبريزي على حماسة أبي تمام ١/ ١٤٩".
٨ "إذا قالت العرب فلان أبيض، وفلانة بيضاء فالمعنى نقاء العرض من الدنس والعيوب، وإذا قالوا فلان أبيض الوجه، فلانه بيضاء الوجه، أرادوا نقاء اللون من الكلف والسواد الشائن" "لسان العرب: مادة "بيض".
٩ "بيض الوجوه على العدو ثقال" "الفرزدق في نقائض جرير والفرزدق ١/ ٢٨٧"، "من كل أبيض يستضاء بوجهه" "جرير في نقائض جرير والفرزدق ١/ ٣٠١"، "بيض الوجوه مصانع لسن" "قيس بن عاصم المنقري في شرح التبريزي على حماسة أبي تمام ٤/ ٦٨".

<<  <   >  >>