للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليها في تأليف معجميها. كما ذكرا أيضًا كتاب التهذيب للأزهري. وبهذه المناسبة نود أن نذكر أنهما لم يغفلا ذكر كتاب العين كمرجع أصلي لهما إلا؛ لأنهما لم يستطيعا الحصول على نسخة منه. بدليل أنهما قد نقلا الكثير عن الخليل كما سيأتي ذلك.

ولعل من الأشياء التي جعلت المحكم يفوق التهذيب في الحجم، والاستيعاب هو أنه اعتنى عناية بالغة بالقواعد الصرفية.

ولكن ابن سيده لم يسرف في هذا بما يخرجه من الغرض الأصلي للكتاب كما فعل القالي في كتابه "البارع" إذ استطرد إلى ذكر الأبيات التي كان ينبغي أن تحتل مكانها في كتاب الأمالي.

ما يختلف فيه المحكم عن العين:

لقد أتيح لابن سيده باعتباره متأخرًا في الزمان عن الخليل أن يطلع على كتب أكثر، ويستفيد بأبحاث من سبقوه من العلماء. فجاء كتابه أكثر استيعابًا وأدق تنظيمًا من كل ما تقدمه من الكتب حتى عن كتاب العين.

أما من جهة ترتيب الكلمات في الكتاب فنرى أن المحكم في هذا كغيره من المعاجم التي اقتفت آثار العين. أو بعبارة أخرى نجد أنه قد سار على نظام التقليبات، والأبجدية الصوتية كما فعل الخليل.

ولكننا نجد كما كنا نتوقع أن المحكم باعتباره متأخرًا كان أكثر تفصيلًا عن غيره. فالخليل مثلًا أدمج الهمزة في حروف العلة. ولكن ابن سيده ذكر الهمزة وحدها، ونجد أيضًا أن الخليل احتسب الألف اللينة حرف علة، ولكن ابن سيده لم يعدها إطلاقًا، وهو في هذا يتمشى بدقة مع الصرفين الذين يرون أن الألفات الممدودة في العربية ترد إلى أصلها الواوي أو اليائي.

وقد كانت هذه التفرقة التي رسمها ابن سيده في محكمه هي الأصل الذي اتبعه المتأخرون كابن منظور، والفيروزآبادي. فقد ذكرها المتأخرون

<<  <   >  >>