للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يملك بالإحياء سواءٌ عرف أربابه أو لم يعرفوا.

وقال مالك: يملك بالإحياء سواء عرف أربابه أو لم يعرفوا١، وقال أبو حنيفة -رحمه الله: إن عرف أربابه لم يملك بالإحياء، وإن لم يعرفوا ملك بالإحياء، وإن لم يجز على مذهبه أن يملك بالإحياء من غير إقطاع، فإن عرف أربابه لم يجز إقطاعه، وكانوا أحق ببيعه وإحيائه، وإن لم يعرفوا جاز إقطاعه، وكان الإقطاع شرطًا في جواز إحيائه، فإذا صار الموات على ما شرحناه إقطاعًا، فمن خصه الإمام به وصار بالإقطاع أحق الناس به لم يستقر ملكه عليه قبل الإحياء، فإن شرع في إحيائه صار بكمال الإحياء مالكًا له، وإن أمسك عن إحيائه كان أحق به يدًا، وإن لم يصر ملكًا ثم روعي إمساكه عن إحيائه، فإن كان لعذر ظاهر لم يعترض عليه فيه، وأقرّ في يده إلى زوال عذره، وإن كان غير معذور، قال أبو حنيفة: لا يعارض فيه قبل مضيّ ثلاث سنين، فإن أحياه فيها، وإلّا بطل حكم إقطاعه بعدها احتجاجًا بأنَّ عمر -رضي الله عنه- جعل أجل الإقطاع ثلاث سنين.

وعلى مذهب الشافعي أنَّ تأجيله لا يلزم، وإنَّما المعتبر فيه القدرة على إحيائه، فإذا مضى عليه زمان يقدر على إحيائه فيه قيل له: إما تحييه فيقر في يدك، وإمّا أن ترفع يدك عنه ليعود إلى حاله قبل إقطاعه، وأما تأجيل عمر -رضي الله عنه- فهو قضية في عين يجوز أن يكون لسبب اقتضاه أو لاستحسان رآه.


١ قال أبو الحسن المرداوي -من الحنابلة: فإن كان فيها آثار الملك ولا يعلم لها مالك فعلى روايتين: إن كان الموات لم يجر عليه ملك لأحد، ولم يوجد فيه أثر عمارة ملك بلا إحياء بلا خلاف، ونصَّ عليه مرارًا، وإن علم له مالك بشراء أو عطية، والمالك موجود هو أو أحد من ورثته لم يملك بالإحياء بلا خلاف، بل هو إجماع حكاه ابن عبد البر وغيره، وإن كان قد ملك بالإحياء ثم ترك حتى دثر وعاد مواتًا، فهذا أيضًا لا يملك بالإحياء كذلك إذا كان لمعصوم، وإن علم ملكه معصوم فإن أحياه بدار الحرب واندرس كان كموات أصلي يملكه المسلم بالإحياء، قاله في المحرر، وقال القاضي وابن عقيل وأبو الفرج الشيرازي: لا يملك بالإحياء، ويقتضيه مطلق نصوصه، وإن كان لا يعلم له مالك فهو أربعة أقسام:
أحدها: ما أثر الملك جاهلي كالقرى الخربة التي ذهبت أنهارها ودرست آثارها وقد شملها كلام المصنّف، ففي ملكها بالإحياء روايتان وغيره، إحداهما: لا تملك بالإحياء، والرواية الثانية: تملك بالإحياء، وصحَّحه في الحاوي والنظم وأطلقوا، والصحيح التفرقة بين دار الحرب ودار الإسلام. [الإنصاف: ٦/ ٣٥٥] .

<<  <   >  >>