أحدهما: ما تعيَّنَ مالكه فلا نظر للسلطان فيه، إلَّا ما يتعلق بتلك الأرض من حقوق بيت المال إذا كانت في دار الإسلام، سواء كانت لمسلمٍ أو ذميّ، فإن كانت في دار الحرب التي لا يثبت للمسلمين عليها بُدّ، فأراد الإمام أن يقطعها ليملكها المقطع عند الظفر بها جاز.
وقد سأل تميم الداري رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يقطعه عيون البلد الذي كان منه بالشام قبل فتحه ففعل.
وسأله أبو ثعلبة الخشني أن يقطعه أرضًا كانت بيد الروم فأعجبه ذلك، وقال:"ألا تسمعون ما يقول؟ " فقال: والذي بعثك بالحق ليفتحنّ عليك. فكتب له بذلك كتابًا.
وهكذا لو استوهب من الإمام مال في دار الحرب وهو على ملك أهلها، أو استوهب أحد من سبيها وذراريها ليكون أحق به إذا فتحها، جاز وصحَّت العطية فيه مع الجهالة بها لتعلقها بالأمور العامة.
روى الشعبي أنَّ حريم بن أوس بن حارثة الطائي قال للنبي -صلى الله عليه وسلم: إن فتح الله عليك الحيرة فأعطني بنت نفيلة، فلمَّا أراد خالد صلح أهل الحيرة، قال له حريم: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جعل لي بنت نفيلة، فلا تدخلها في صلحك، وشهد له بشير بن سعد ومحمد بن مسلمة، فاستثناها من الصلح ودفعها إلى حريم، فاشتُرِيَت منه بألف درهم، وكانت عجوزًا قد حالت عن عهده فقيل له: ويحك لقد أرخصتها، كان أهلها يدفعون إليك ضعف ما سألت بها، فقال: ما كنت أظن أن عددًا يكون أكثر من ألف١.
وإذا صحَّ الإقطاع والتمليك على هذا الوجه نظر حال الفتح، فإن كان صلحًا خلصت الأرض لمقطعها، وكانت خارجة عن حكم الصلح بالإقطاع السابق، وإن كان الفتح عنوة كان المستقطع والمستوهب أحق بما استقطعه واستوهبه من الغانمين، ونُظِرَ في الغانمين،