للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكذلك الطهارة إذا فعلها على وجه سائغ يخالف فيه رأي المحتسب من إزالة النجاسة بالمائعات، والوضوء بماء تغير بالمذورات الطاهرات، أو اقتصار على مسح أقل الرأس، أو العفو عن قدر الدرهم من النجاسات، فلا اعتراض له في شيء من ذلك بأمر ولا نهي، وكان له في اعتراضه عليهم في الوضوء بنبيذ التمر عند عدم الماء وجهان، لما فيه من الإفضاء إلى استباحته على كل حال، فإنه ربما آل إلى السكر من شربه، ثم على نظائر هذا المثال -تكون أوامره بالمعروف في حقوق الله تعالى.

فصل:

فأمَّا الأمر بالمعروف في حقوق الآدميين فضربان: عام وخاص١.

فأما العام: فكالبلد إذا تعطل شربه، أو استهدم سوره، أو كان يطرقه بنو السبيل من ذوي الحاجات فكفّوا عن معونتهم، فإن كان في بيت المال مال لم يتوجه عليهم فيه ضرر، أمر بإصلاح شربهم وبناء سورهم، وبمعونة بني السبيل في الاجتياز بهم؛ لأنها حقوق تلزم بين المال دونهم، وكذلك لو استهدمت مساجدهم وجوامعهم، فأما إذا أعوز بيت المال كان الأمر ببناء سورهم وإصلاح شربهم وعمارة مساجدهم وجوامعيهم، ومراعاة ببني السبيل فيهم متوجهًا إلى كافة ذوي المكنة، ولا يتعين أحدهم في الأمر به، وإن شرع ذوو المكنة في عملهم، وفي مراعاة بني السبيل، وباشروا القيام به سقط عن المحتسب حق الأمر به، ولم يلزمهم الاستئذان في مراعاة بني السبيل ولا في بناء ما كان مهدومًا، ولكن لو أرادوا هدم ما يعيدون بناءه من المسترمّ والمستهدم لم يكن لهم الإقدام على هدمه فيما عم أهل البلد من سوره وجامعهم إلا باستئذان ولي الأمر دون المحتسب؛ ليأذن لهم في هدمه


١ قال الإمام النووي: الضرب الثاني: ما يتعلق بحق آدمي، وينقسم إلى عام كالبلد إذا تعطل شربه، أو انهدم سوره، أو الإشارة أبناء السبيل المحتاجون وتركوا معونتهم، فإن كان في بيت المال مال لم يؤمر الناس بذلك، وإن لم يكن أمر أهل المكنة برعايتها.
وإلى خاص: كمطل المدين الموسر، فالمحتسب يأمره بالخروج عنه إذا استعداده صاحب الدين، وليس له الضرب والحبس. [روضة الطالبين: ١٠/ ٢١٨] .

<<  <   >  >>