للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعد تضميينه القيام بعمارته، وجاز فيما خص من المساجد في العشائر والقبائل ألا يستأذنوه، وعلى المحتسب أن يأخذهم ببناء ما هدموه، وليس له أن يأخذهم بإتمام ما استأنفوه، فأما إذا كف ذوو المكنة عن بناء ما استهدم وعمارة ما استرم، فإن كان المقام في البلد ممكنًا، وكان الشرب -وإن قلَّ مقنعًا تاركهم وأباه، وإن تعذَّر المقام في البلد لتعطيل شربه واندحاض سوره نظر، فإن كان البلد ثغرًا يضر بدار الإسلام تعطيله لم يجز لولي الأمر أن يفسخ في الانتفال عنه، وكان حكمه حكم النوازل إذا حدثت في قيام كافة ذوي المكنة به، وكان تأثير المحتسب في مثل هذا إعلام السلطان به، وترغيب أهل المكنة في عمله، وإن لم يكن هذا البلد ثغرًا مصرًا بدار الإسلام كان أمره أيسر وحكمه أخف، ولم يكن للمحتسب أن يأخذ أهله جبرًا بعمارته؛ لأن السلطان أحق أن يقوم به، ولو أعوزه المال فيستجده فيقول لهم: المستحب ما استدام عجز السلطان عنه أنتم مخيرون بين الانتقال عنه، أو التزام ما يصرف في مصالحه التي يمكن معها دوام استيطانه عنه، أنتم مخيرون بين الانتقال عنه أو التزام ما يصرف في مصالحه التي يمكن معها دوام استيطانه، فإن أجابوه إلى التزام ذلك كلف جماعتهم ما تسمح به نفوسهم، ولم يجز أن يأخذ كل واحد منهم ما سهل عليه وطاب نفسًا به، ومن أعوزه المال أعان بالعمل حتى إذا اجتمعت كفاية المصلحة، أو يلوح اجتماعها لضمان كل واحد من أهل المكنة قدرًا طاب به نفسًا، شرع حينئذ في عمل المصلحة، وأخذ كل ضامن من الجماعة بالتزام ما ضمنه، وإن كان مثل هذا الضمان لا يلزم في المعاملات الخاصة؛ لأن حكم ما عم من المصالح موسع، فكان حكم الضمان فيه أوسع، وإذا عمت هذه المصلحة لم يكن للمحتسب أن يتقدم بالقيام بها حتى يستأذن السلطان فيها؛ لئلَّا يصير بالتفرُّد مفتاتًا عليه؛ إذ ليست هذه المصلحة من معهود حسبته، فإن قلَّت وشقَّ استئذان السلطان فيها، أو خيف زيادة الضرر لبعد استئذانه جاز شروعه فيها من غير استئذان.

وأما الخاص فكالحقوق إذا مطلت، والديوان إذا أخرت، فللمحتسب أن يأمر بالخروج منها مع المكنة إذا استعداده أصحاب الحقوق، وليس له أن يحبس بها؛ لأن الحبس حكم، وله أن يلازم عليها؛ لأنَّ لصاحب الحق أن يلازم، وليس له الأخذ بنفقات الأقارب لافتقار ذلك إلى اجتهاد شرعي فيمن تجب له، ويجب عليه إلا أن يكون الحاكم قد فرضها، فيجوز له

<<  <   >  >>