والإفادة من جهودهم، ولكن بشرط أن نرد الحل المستعار إلى أصول البلد المستعيرة.
وبعبارة أخرى، ينبغي أن نهيئ بلادنا المحيط اللازم لتطبيق ما نتصور من حلول لمشكلاتنا الاجتماعية.
تلكم هي مشكلة الشروط الأولية، وهي مشكلة تثور أمامنا لا بالنسبة إلى الحلول الجاهزة التي نقبسها من الخارج، بل بالنسبة لجميع الحلول التي نتصورها لحل ما يواجه مجتمعنا من مشكلات، في مرحلته التاريخية الراهنة.
وقد يدهش بعض الناس أحياناً في أوساطنا المفكرة، حيث الفكرة الإصلاحية دائماً موضوع الاهتمام، يدهشون من أن الحلول التي أكدت صلاحيتها من قبل في المجتمع الإسلامي الأول لم تعد لها اليوم فاعليتها.
ولننظر مثلاً إلى (الزكاة)، وقد كانت الدعامة التي قام عليها بناء الإمبراطورية الإسلامية، بجميع مؤسساتها الدينية والحربية، وجميع إداراتها الثقافية، وأعمالها الاجتماعية.
أما الآن، فلقد فقد هذا النظام الإسلامي تقريباً كل فاعليته الاجتماعية.
بل لننظر أكثر من ذلك إلى فكرة (إسلام) ذاتها، وهي التي نعرف دويها العميق في ضمير المسلمين الأولين، هذه الفكرة لم يعد لها اليوم الدوي نفسه، وقوة التوجيه لسلوكنا الفردي، ولأعمالنا وأفكارنا ومشاعرنا؟!
وبعض المسلمين- الذين ما زالوا يحسون بقلوبهم بالمأساة، ولكن ليس لديهم ما يكفي من الصبر والأناة لدراستها- هؤلاء يترجمون دائماً عن المأساة قائلين:
((إننا لم نعد مسلمين إلا بشهادة الميلاد)). وإنهم ليقرون الحقيقة ولكنهم ربما فعلوا شيئاً أكثر فائدة لو أنهم لاحظوا ملاحظات أولية في وسطنا.