أظهرت فاعليتها الكاملة في إعادة تتظيم وتوجيه الطاقة الحيوية التي أسلمتها شبه الجزيرة العربية إلى عصر النبي عليه الصلاة والسلام.
فعندما كان النبي مشغولاً في المدينة بالمطالب المادية للدولة الإسلامية الفتية، من أجل مواجهة ضرورات الحرب، التي ستبدأ بمعركة بدر، كان صحابته يقدمون له عن طيب خاطر جزءاً من أموالهم، ويعقب سعد بن عبادة على عمله بتلك الكلمة المعبرة:((يا رسول الله: خذ من أموالنا ما شئت، وما أخذته منها أحب إلينا مما تركت)).
هذا مثال يرينا كيف أن الطاقة الحيوية في صورة غريزة التملك المطبوعة في الإنسان، تتحول إلى طاقة محكومة منظمة موجهة نحو المهام الاجتماعية.
وأياً ما كان الأمر فإن عملية إعادة التنظيم والتوجيه ينبغي أن تكون المهمة الأولى في خطة النهضة الإسلامية، لأن تحقيقها هو الذي يوجد الشرط الأول لتحويل الجهود في نطاق هذه النهضة إلى جهود فعالة.
وقد تم هذا العمل في المجتمع الإسلامي الأول بفضل رعاية الفكرة القرآنية، لا على أنها مفاهيم تدرس وتعلم على يد فقهاء الشريعة، ولكن على أنها (حقيقة) عاملة مؤثرة، تجمع في نظامها مباشرة كل ما يقوم به الفرد من أعمال وإشارات، على ما جاء في حديث ابن عمر وحديث جندب رضي الله عنهما:((لقد عشنا دهراً طويلاً وأحدنا يؤتى الإيمان قبل القرآن، فتنزل السورة على محمد - صلى الله عليه وسلم - فيتلعم حلالها وحرامها، وآمرها وزاجرها، وما ينبغي أن يقف عنده منها)).
وقد خططنا في فصل سابق عملية إعادة تنظيم الطاقة الحيوية من الناحية النظرية.