تنتهيان بطرق مختلفة، وأحياناً متعارضة إلى نتيجة واحدة هي: الفراغ الاجتماعي، حيث تغور الروح، وتغور معها وسائل الحضارة.
وإنما تختان الحضارة إذا ما فارق دعاتها سبيلهم التي يسلكونها لأداء نشاطهم المشترك. واتبعوا سبلاً وطرائق متخالفة، تجعل النشاط مستحيلاً: فسبل تنسل إلى حظيرة التصوف، وأخرى تنحدر إلى عالم العجائب الذي هبت منه الريح ألف ليلة وليلة، وثالثة تختار طريق الرقص والغناء بدعوى أنها تَحَضُّر.
وهنا تأتي الساعة التي يقع فيها حكم الله، كأنه شاطور على رأس المجتمع:{وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ}[الأنعام: ٦/ ١٥٣]
فمن الواجب إذن أن نواجه مشكلة الدفاع عن شبكة العلاقات، لا بالنسبة لنوع معين من القوارض الخاصة، أولئك النواتج المجازون من قبل ثقافة أجنبية أساؤوا تمثلها، ولكن بالنسبة لجميع الأنواع التي تخلق بطريقة أو بأخرى حالة الفراغ الاجتماعي.
فمبيدات القوارض إذن لا تكفي، تدلنا على ذلك التجربة اليومية، فنحن نرى مثلاً أنه في اللحظة التي تعلن فيها السلطات المختصة في شوارع إحدى العواصم العربية لسائقي السيارات ألا يستخدموا النفير إلا في حالات الضرورة القصوى، في هذه اللحطة بالذات نجد هؤلاء السائقين يلعبون بهذه الآلة بصورة غير معقولة.
ذلك واقع صغير ولا شك، ولكنه عرض من أعراض التبطل وانعدام الفاعلية في دفاعنا عن شبكة علاقاتنا الاجتماعية.
ومن الممكن بداهة أن نكتب في هذا الموضو كتاباً كاملاً ولكنه لا يساوي هذا القدر من المشقة.