نعم، اختلاف تنوع وليس باختلاف تضاد، ويبدل منه من الصراط، المنصوب بإهدانا، اهدنا الصراط يبدل منه صراط الذين أنعمت عليهم، أنعم عليهم بأي شيء؟ بالهداية؛ لأنه كما سيأتي أن ممن ضل منعم عليه بأنواع من النعم، لكن المطلوب الهداية إلى صراطهم المنعم عليهم بالهداية، ويبدل من الذين بصلته الذين أنعمت عليهم يبدل منه غير المغضوب عليهم، ولذا وافقه في الإعراب، الذين مجرور بصراط مضاف إليه وغير مجرور؛ لأنه تابع للذين، ولذا قال:"ويبدل من الذين بصلته غير المغضوب عليهم، وهم اليهود، ولا غير، كما جاء في بعض القراءات، ولعلها عن عمر -رضي الله عنه- غير المغضوب عليهم وغير الضالين، ولذا قال: "ولا يعني غير الضالين، وهم النصارى، ونكتة البدل إفادة أن المهتدين ليسوا يهوداً ولا نصارى، ونكتة البدل صراط الذين أنعمت عليهم، ألا يكفي ويغني عن قولنا: غير المغضوب عليهم ولا الضالين؟ في الأصل يكفي، صراط الذين أنعمت عليهم، وهم مَن يُذكرون في آية النساء على ما سيأتي، ويكفي عن قولنا: غير المغضوب عليهم ولا الضالين، هذا في الأصل، لكن لأن من المغضوب عليهم ومن الضالين اليهود والنصارى ممن يدعي أنهم منعم عليهم، بل ممن من غيرهم من الطوائف من يزعم أن اليهود والنصارى منعم عليهم؛ لأنهم أهل كتاب، فاحتيج إلى التنصيص عليهم؛ لأنهم أهل كتاب، فهم وإن أنعم عليهم بكتاب، وإن أنعم الله عليهم بكتاب إلا أنهم غضبوا عليهم لأنهم علموا وعرفوا ما في هذا الكتاب وخالفوه، وأيضاً أنعم على آخرين بكتاب لكنهم أعرضوا عن تعلمه فجهلوه، وعبدوا الله -سبحانه وتعالى- على جهل، فضلوا بسبب ذلك، ولذا في حديث أنس وغيره:((إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالماً -أو لم يبق عالم- اتخذ الناس رؤوساً)) وفي روايةٍ: ((رؤساء جهالاً سئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا)) ولذا من عبد الله -سبحانه وتعالى- على جهل ضل، ومن عرف الحق وحاد عنه ومال عنه إلى غيره لأي شيء من الأسباب فهو مغضوب عليه لمشابهته اليهود، ولذا يقول بعضهم: "من ضل أو من حاد من علماء هذه الأمة ففيه شبه باليهود، ومن حاد عن الطريق من عباد هذه الأمة ففيه شبه