الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
ففي هذا المكان الطيب المبارك من بيوت الله -جل وعلا- نتذاكر معاً تفسير سورة من أعظم السور، طالما كررها النبي -عليه الصلاة والسلام- ورددها على صحابته من خلال منبر الجمعة، وفي هذا تقول الصحابية الجليلة أم هشام:"ما حفظت ق والقرآن المجيد إلا من فيِّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقرأها على المنبر كل جمعة" فلعظمها وعظم ما اشتملت عليه من مسائل المبدأ والمعاد والبعث والنشور والحساب والجزاء فهي سورة وعظ وتذكير بما لله -جل وعلا- على عباده، ولذا ختمها الله -جل وعلا- بقوله:{فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ} [(٤٥) سورة ق] وابن القيم -رحمه الله تعالى- رسم منهجاً لتدبر القرآن، والإفادة من معانيه وحكمه وعبره، افتتح كتابه الفوائد بهذه الفائدة العظيمة وهي الإفادة من كتاب الله -جل وعلا-، ولا يكون ذلك إلا بقراءته على الوجه المأمور به، وانطلق في كلامه كله وجعل محور كلامه ينطلق من هذه السورة العظيمة، ولعلنا في ختام السورة غداً -إن شاء الله تعالى- نجمع أطراف كلامه -رحمه الله- لأن أكثر كلام ابن القيم منصب على أواخر السورة، ونظراً لطول السورة وكثرة مطالبها، وعظم فوائدها فإننا لن نستطيع أن نأتي بكل ما نريد، وما يتوقعه طالب العلم في مثل هذه الدروس المختصرة، قليلة في وقتها، لكن نسأل الله -جل وعلا- أن يعننا على إبداء الأهم من هذه المطالب.