الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله أصحابه أجمعين، أما بعد:
فمتابعة لتفسير المفصل من القرآن الكريم الذي بدأناه ..
أما بعد: فاستكمالاً لما بدأناه من مشروع تفسير المفصل من القرآن الكريم في مواقع متعددة يكون نصيب هذا الجامع المبارك تفسير سورة الرحمن.
ولست بصدد تكرار ما قلناه مراراً في أهمية تفسير القرآن الكريم لطالب العلم ولغيره من عموم المسلمين؛ لأن القرآن كلام الله وخطاب الله لعباده، وأوامره ونواهيه، دستوره الخالد الذي لا يمكن العمل به إلا بعد فهمه، وكان الصحابة -رضوان الله عليهم- في طريقتهم لفهم القرآن، وتبعهم على ذلك سلف هذه الأمة وأئمتها أنهم لا يتجاوزون العشر الآيات من هذا القرآن إلا وقد عرفوا ما فيها من علم وعمل؛ لأن الغاية من فهم الكلام العمل به، الغاية من فهم كلام الله -جل وعلا-، وكلام نبيه -عليه الصلاة والسلام- العمل، العمل هو الثمرة العظمى، نعم قراءة القرآن فيها ثواب، وفيها فضل عظيم، وفي كل حرف عشر حسنات، لكن الثمرة العظمى هي العمل؛ لأنها من أجلها طلب العلم والتعلم، والجاهل لا يستطيع أن يعبد الله -جل وعلا- على مراده حتى يتعلم ما يدله على العمل الصحيح، وما ينير له الطريق، وما يوصله إلى الله -جل وعلا-.
هذا الكلام رددناه في مناسبات كثيرة، في مطلع كل سورة، فلسنا بحاجة إلى أن نفيض فيه، ونذكر الفوائد وكيفية التعلم لكتاب الله -جل وعلا-، هذا ما كررناه مراراً ولا داعي لذكره في هذا المقام؛ لأن تفسير سورة الرحمن فيه شيء من الطول، لكن مع ذلك نسدد ونقارب بقدر الإمكان أن تنتهي في ثلاثة الأيام المحددة -إن شاء الله تعالى-.