{قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ} [(٢٨) سورة ق] الآن ينفع الخصام وإلا ما ينفع؟ "ما ينفع الخصام"، وقد قدمت إليكم، {لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم} [(٢٨) سورة ق] يعني: "في الدنيا" بالوعيد "بالعذاب في الآخرة لو لم يؤمنوا ولا بد منه" يعني ليس لأحد عذر، ليس لأحد عذر، هديناه النجدين، بين له طريق الحق، الطريق المستقيم الصراط المستقيم وطريق الضلال، فاختار طريق الضلال ما الحيلة ما دام بطوعه واختياره؟ ولم يجبر على اختياره بل فيه حرية واختيار وله مشيئة، وله إرادة، نعم حريته واختياره، ومشيئته وإرادته كلها تابعة لإرادة الله -جل وعلا- ومشيئته، لكنه فيه اختيار، يعني أحد يمنع إنسان لو أراد أن يسلم يقول له .. ، هل حاول إنسان أن يسلم وما استطاع؟ في أحد حاول يسلم وما استطاع؟ في أحد حاول أن يقوم وما استطاع القيام؟ إرادته للقيام موجودة، قدرته على القيام موجودة، لكن الله لو أراد ألا يقوم ما قام، وكل إنسان يجرب من نفسه يحاول يقوم يقوم، مما يدل على أنه له شيء من الاختيار، يعني ليس بمجبور كما تقول الجبرية، وليست إرادته وحريته واختياره مما يستقل به عن إرادة الله -جل وعلا- كما تقوله المعتزلة القدرية.
{مَا يُبَدَّلُ} [(٢٩) سورة ق] ما يبدل يعني: يغير، {الْقَوْلُ لَدَيَّ} [(٢٩) سورة ق] ما يبدل القول لدي في ذلك، في الحكم، في الوعيد، ما يبدل، وهذا بالنسبة للكافر المشرك ما فيه تبديل، ما يمكن بحال من الأحوال أن يبدل القول فيدخل المشرك الجنة، {إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} [(٤٨) سورة النساء] هذا وعيد، والوعيد تعارف الناس على أن إخلافه كرم.
وإني وإن أوعدته ووعدته ... لمنجز إيعادي ومخلف موعدي