ولهذا كله يشترط أهل العلم في المفسر أن يكون جامعاً بين الفنون، فنون العلم من العلوم الغائية، ومن وسائل العلم التي يفهم بها هذه الغايات، فالغاية فهم ما جاء عن الله -جل وعلا- من نصوص الوحيين، والوسائل المعينة على فهم هذه النصوص في غاية الأهمية لطالب العلم، فلا يجوز لأحد أن يفسر حتى يستطيع أن يفهم ما جاء عن الله وعن رسوله -عليه الصلاة والسلام-، فلا بد أن يكون عارفاً بالنصوص، فاهماً لمراد الله -جل وعلا- ومراد رسوله -عليه الصلاة والسلام- من هذه النصوص، بعد معرفة ما يعين على فهمها مما يسميه أهل العلم بعلوم الآلة، والآلة معروف أنها هي التي يتوصل بها إلى المراد، هي الوسائل التي يستطاع بواسطتها فهم ما يراد فهمه، فعلوم العربية في غاية الأهمية لطالب العلم، وتتعين وتتأكد في حق من يتصدى لشرح كلام الله -جل وعلا- وكلام نبيه -عليه الصلاة والسلام-؛ لأن القرآن بلسان عربي مبين، فكيف نفهم هذا القرآن ونحن لا نفهم لغة العرب؟ ولغة العرب ليست منحصرة في النحو مثلاً، لذا يتعجب كثير من طلاب العلم إذا وجدوا في سياق كلام أهل العلم قرأ في النحو والعربية، إيش ... ؟ النحو هو العربية؟! لا، لا، العربية أكثر من عشرة فروع، وكلها طالب العلم بأمس الحاجة إليه، نعم لا يلزم أن يكون متخصصاً في كل فرع من فروعها، بل ولا في جميعها، وإنما يفهم من ذلك ويعرف من هذه الفروع ما يعينه على فهم كلام الله -جل وعلا-، وكلام رسوله -عليه الصلاة والسلام-، من ذلك النحو والصرف والبيان والمعاني والبديع، والوضع والاشتقاق، وفقه اللغة، متن اللغة، الغريب، وغير ذلك من العلوم التي يحتاجها المتعلم، الذي يؤهل نفسه لأن يكون عالماً مرجعاً في هذه الأمور، ممن يستغفر له كل شيء حتى الحيتان في جوف البحر، أما إذا أراد أن ينقل من كتب التفاسير وليست لديه أهلية للتفسير أن هذا مبلغ وليس بمفسر، وقد يدخل عليه الخلل يتطرق إليه الخلل بسبب جهله في فن من هذه الفنون.