من ذلك أيضاً تفسير التحرير والتنوير لابن عاشور كتاب نفيس، تعب عليه مؤلفه، وصنفه في أربعين عاماً، وضبطه وأتقنه، واهتم فيه على بيان المعاني، ووجوه البلاغة في القرآن، يفيد منه طالب العلم من هذه الحيثية، على أننا لو اقتصرنا على تفاسير السلف ما فاتنا شيء، يعني كنت أظن أن تفسير الطبري تفسير أثري محض، فلما عانينا الكتاب وجدناه في كل الفنون، يعني في علوم العربية يمكن يكون في الدرجة الأولى، يعني ما هو كتاب خاص بعلم العربية، لا، لكن فيه من أفانين العربية ما لا يوجد في غيره، حتى أن أعظم خصائص تفسير الكشاف هو ما فيه من البيان، يعني من علم البيان وعلم المعاني، اهتم بها الزمخشري، لكن خرج دراسات مقارنة بين ما في تفسير الطبري من علمي المعاني والبيان، وبين الزمخشري فوجد ما في الطبري أكثر، هذه نتيجة مذهلة، يعني قد يقول طالب العلم: يمكن هذا ما هو بصحيح، لماذا؟ لأن تفسير الطبري وطالب العلم يقرأه كله حدثنا قال: حدثنا، قال: أخبرنا، قال .. ، يعني من رأى .. ، من قرأ تفسير الذاريات مثلاً هذه الكلمة في تفسير الطبري وجده يقول: الذاريات: الريح تذرو التراب، ثم ساقه من ثلاثين وجه، يعني لو ساقه بسطر واحد كفى، فهذه الكثرة كثرة المرويات وسياق الوجوه بطرق متعددة هذه تغطي على ما في الكتاب من علوم أخرى، ففيه من هذه الناحية شيء لا يخطر على البال، يعني في علم المعاني والبيان، وفيه أيضاً من النحو والصرف شيء يعني لو أفرد كتاب في النحو والصرف من تفسير الطبري لكفى، فيه أيضاً الفقه المعتمد على النصوص، فقه الطبري من ... ، أعني الطبري إمام فقيه كما هو معروف وصاحب مذهب متبوع، لكنه انقرض، يعني لا يوجد من يتبع الطبري في اجتهاداته، لكنه مع ذلك هو فقيه، إلى غير ذلك من العلوم التي تجعل طالب العلم يعنى بهذه التفاسير، يعني نسمع من يقول: تفسير الطبري وتفسير ابن كثير هذه انتهى وقتها، يعني قيلت، وسمعناها وسمعها غيرنا، هذه كتب انتهى وقتها، وهذا الكلام ليس بصحيح، تفسير الحافظ ابن كثير كلما قرأه الإنسان يفيد منه فوائد عظيمة غير ما قرأه في المرة الأولى، ونعرف من قرأ التفسير مراراً أربع مرات خمس مرات، طلاب علم جادين ما هم بـ ..