{وَإِنَّ الدِّينَ} [(٦) سورة الذاريات] يعني "الجزاء بعد الحساب" أو الحساب نفسه كما يقولون "لواقع لا محالة" لا يخلف، إيش معنى وضع موازين؟ نصب الموازين لأي شيء؟ لا بد من الحساب، لكن المطلوب جنس الحساب؛ لأن هناك من لا يحاسب إنما يعرض عرض، وهناك في الحساب ما يعرف بالمقاصة، ما يعرف بالمقاصة في حديث المفلس، النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول:((أتدرون من المفلس؟ )) قالوا: المفلس من لا درهم له ولا متاع، المحاسبة على حقوق الله -جل وعلا-، وأيضاً المقاصة في حقوق العباد ((أتدرون من المفلس؟ )) قالوا: من لا درهم له ولا متاع، هذا اللي هم يعرفون، وكلام صحيح، كلام صحيح أن من وجد ماله عند رجل قد أفلس فهو أحق به، هذا المفلس ما له درهم ولا متاع، أو تكون الموجودات عنده أقل من ديونه، هذا أيضاً مفلس يحتاج إلى من يحجر عليه، والحجر والتفليس معروف عند أهل العلم، لكن المفلس الحقيقي والخاسر الحقيقي التي تكون خسارته في الآخرة، أما من خسر في الدنيا يخسر اليوم ويربح غداً أو لا يربح أبداً، المدة كلها يسيرة جداً، وكرب الدنيا لا شيء بالنسبة لكرب الآخرة ((المفلس الذي يأتي بأعمال)) وفي بعض الروايات: ((أمثال الجبال)) تجد عنده صيام، تجد عنده صلاة كثيرة، وصيام وزكاة وحج وعنده أعمال كثيرة جداً، ثم بعد ذلك يأتي وقد وزع هذه الأعمال لفلان كذا، ولفلان كذا، ولفلان كذا، وفلان كذا، يأتي وقد شتم هذا، وضرب هذا، وأخذ مال هذا، وسفك دم هذا، ووقع في عرض هذا، يأخذ هذا من حسناته، وهذا من حسناته، وهذا من حسناته، كلهم لا بد أن يقتصوا منه، وإذا كانت الوالدة لا تتبرع بحسنة لفلذة كبدها فكيف يتبرع شخص أنت أسأت إليه في الأصل؟ فالإنسان يهتم بهذا الأمر، لا يكون ممن كالتي نقضت غزلها، كالتي نقضت غزلها، يعني يجمع ثم بعد ذلك يفرق، يعني لو أن إنساناً يكدح في تجارته من طلوع الشمس إلى غروبها، فإذا صلى المغرب وزع الأموال هذه لا يقصد بذلك وجه الله ولا التقرب إلى الله -جل وعلا- قيل: هذا مجنون، فكيف بالحسنات التي تؤهله لدخول الجنة، وتبلغه المنازل في الجنة، وإن كان أصل الدخول لا يملك بمثل هذا، وإنما يملك ويحصل برحمة أرحم الراحمين.
{وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ * وَالسَّمَاء ذَاتِ الْحُبُكِ} [(٦ - ٧) سورة الذاريات] وصلت الإقامة؟