{وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ} [(١٩) سورة الذاريات] حق واجب وحق مندوب، وجاء من حديث عائشة:((إن في المال حق سوى الزكاة)) وجاء عنها أيضاً: ((ليس في المال حق سوى الزكاة)) فالمراد بالمثبت في المال حق سوى الزكاة المندوب، حق مندوب، وليس في المال حق يعني واجب سوى الزكاة، وعلى كل حال الصدقات منها، والزكوات منها، والنفقات منها المندوب ومنها الواجب، وفي هذه الآية {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [(١٩) سورة الذاريات] الذي لا يسأل يتعفف، السائل الذي يتعرض للناس، الذي يتعرض للناس، والمحروم الذي لا يتعرض للناس، ولا يتكفف الناس، ولا يسأل، ولا يفطن له فيتصدق عليه، ومنهم من يقول: إن المحروم الذي حرم من الانتفاع بماله بأن جاءت جائحة وقضت عليه، وليس المحروم المعروف عند الناس عرفاً، الذي أمواله وأرصدته في البنوك ولا يستفيد منها لبخله وشحه، لا، ليس هذا هو المحروم الوارد في النصوص، لا يجوز أن يدفع له شيء هذا، هذا عليه زكوات وعليه صدقات، فإذا بخل بما أوجب الله عليه يعطى من الزكاة؟ أبداً، ولو مات، ما يعطى من الزكاة مثل هذا، وإن شاع عرفاً أن هذا محروم، لكن ليس هو المراد بالنصوص.
من أهل العلم من يقول: إن الآية في الزكاة، إذا قارنها بالآية الأخرى:{وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ * لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [(٢٤ - ٢٥) سورة المعارج] فالمعلوم والمحدد شرعاً هو الزكاة هي التي لها أنصبة ولها فروض ولها .. ، هي المعلوم، حق المعلوم بالتحديد من الشارع إنما هو في الزكاة، أما الصدقات المندوبة ليس لها ضابط يضبطها تأتي من ((ولو بشق تمرة)) إلى أن تبرع أبو بكر بجميع ماله، هذا كله من المندوب، وليس بمعلوم، يعني سواءً تصدقت بشق تمرة، ((ولو بفرسن شاة محرق)) إلى أن يصل إلى أن تتصدق بجميع مالك كما فعل أبو بكر -رضي الله عنه-، الآن نكتفي بهذا، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.