عندنا مسألتان الاستعاذة والبسملة، والبحث فيهما طويل جداً، طويل الذيول، والمطولات من كتب التفسير بسطوا القول فيهما، فممن بسطه القرطبي في تفسيره، والحافظ ابن كثير، والرازي، وأيضاً الطبري، لكن كلامهم كأنه أنظم وأرتب، كلام القرطبي والرازي أنظم من ابن كثير؛ لأن ابن كثير قدم وأخر وأشياء، وأما الطبري فعلى طريقة المتقدمين في عدم الدقة في الترتيب، ما يعتنون في كون الترتيب يوافق ترتيب المناطقة في تقديم بعض الأشياء، وتأخير بعض الأمور، المقصود أن التفاسير الأربعة كفيلة وحافلة بهذه المباحث، في الاستعاذة جاء قوله تعالى:{فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [(٩٨) سورة النحل] وجاء قوله تعالى: {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [(٢٠٠) سورة الأعراف] وجاء أيضاً قوله تعالى: {وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ * وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ} [(٩٧ - ٩٨) سورة المؤمنون] وقال تعالى: {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [(٣٦) سورة فصلت] معنى الاستعاذة: الالتجاء إلى الله -سبحانه وتعالى-، والالتصاق بجنابه من شر كل ذي شر، والعياذة إنما تكون لدفع الشر، كما أن اللياذة لطلب الخير، العياذ والعياذة: إنما تكون لدفع الشر، بخلاف اللياذ الذي يكون لجلب الخير وطلبه.