وما ذلكم إلا لقسوة القلوب وما ران عليها من الذنوب، ومن أظهر ذلك التخليط في المأكول الذي ران على القلوب، وغطاها وغشاها فصارت لا تفقه شيئاً إذا كان كلام الله يتلى بأصوات مؤثرة، ومع ذلك القلب لا يوجف ولا تزيدنا إيماناً مع الأسف، والله -جل وعلا- حصر الإيمان بالذين إذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً، وجلت قلوبهم.
نحن لا تحرك ساكناً، فانشكوا إلى الله -جل وعلا- قسوة القلوب، ومع هذه الشكوى لا بد من بذل الأسباب لإحياء الشعور فيها، أبو جهل وأبو لهب وغيرهم من مشركي قريش من عتاة، من صناديد قريش قيل لهم: قولوا: لا إله إلا الله نفروا وقالوا: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا} [(٥) سورة ص]، وتجد المسلم منذ قرون يطوف بالقبر وهو يقول: لا إله إلا الله فهل هذا يفهم معنى لا إله إلا الله كما يفهمها أبو جهل وأبو لهب؟ والله ما يفهم لا إله إلا الله، تجده يقول: لا إله إلا الله، ويقول: يا علي، يا حسين، هل هذا يفهم معنى لا إله إلا الله؟ ونحن نسمع كلام الله بالأصوات المؤثرة، التي لو قرئ فيها كلام عادي يعني تتأثر من جمالها وحسنها وترقيقها، فيكف بكلام الله المؤثر بنفسه بذاته؟ هذا كافر كاد قلبه أن يطير، فماذا عنا، هل نحن بهذا الصفة؟
أتكلم عن نفسي وأعرف من حال كثير من إخواني أنهم ليسوا كذلك، فلا بد من مراجعة الحسابات، الحسن يقول: تفقد قلبك في ثلاثة مواطن: