يقول الشارح المفسر -وهو جلال الدين المحلي-: الذي بدأ التفسير، وذكرنا في درس مضى في العام الماضي أننا نجعل بين أيدينا تفسير الجلالين؛ لأن التفسير المطلق المرسل هكذا لا يحصل له أوقات محدودة تنتهي، مثل هذا يحتاج إلى استطراد من اليمين والشمال، وتوسع، والإنسان إذا لمن يتقيد بشيء معين قد لا ينجز ما وكل إليه.
الجلال المحلي عرفنا أنه فسر من القرآن من سورة الكهف إلى آخر القرآن، ثم رجع من أوله ففسر الفاتحة، وأكمله جلال الدين السيوطي من سورة البقرة إلى آخر الإسراء، ولذا قيل لهذا التفسير المختصر:"تفسير الجلالين"، وهذا التفسير تكلمنا عنه فيما مضى فلا حاجة إلى إعادة القول فيه، إلا أن التنبيه على أن فيه بعض المخالفات العقدية مما ينبه على ما يمر منها -إن شاء الله تعالى-.
يقول المفسر:{وَالطُّورِ} [(١) سورة الطور] الواو هذه واو القسم، واو القسم والمقسم به مجرور؛ لأن حروف القسم الثلاثة: الواو، والباء، والتاء من حروف الجر، من حروف الجر، والقسم بالطور الذي هو الجبل من الله -جل وعلا- الذي لا يسأل عما يفعل واقع، وإن كان بعض المفسرين يقدر "رب" هنا فيقول: "ورب الطور، ورب الذاريات"، لكن لا داعي لهذا التقدير؛ لأن الله -جل وعلا- له أن يقسم بما شاء من خلقه، وأما بالنسبة للخلق فلا يجوز أن يقسموا إلا بالله -جل وعلا-، إلا بالله -جل وعلا- ((فمن حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك))، ((لا تحلفوا بآبائكم)) الإقسام بالشيء والحلف به يدل على عظمته وأهميته، فما أقسم الله به في كتابه يدل على أن له شأن، وأن له خصيصة وميزة؛ لأن القسم الأصل فيه التعظيم، والنبي -عليه الصلاة والسلام- كثير ما يقسم على الأمور المهمة، ويحلف من غير استحلاف، ويحلف من غير استحلاف، مع أن الله -جل وعلا- نهانا أن نجعل الله عرضة لأيماننا، لكن إذا دعت الحاجة إلى ذلك في الأمر المهم يحلف الإنسان ولو لم يستحلف، كما كان النبي -عليه الصلاة والسلام- كثيراً ما يقول: والذي نفسي بيده.
قد يقول قائل: ماذا عن الحلف بالطلاق هل هو شرك؟ الحلف بالطلاق هل هو شرك أو ليس بشرك؟