قد يقول قائل: إن الخبر بأنها من أنهار الجنة، أو من جبال الجنة يكون عارياً عن الفائدة، يقول: ما في فائدة يعني كغيره إذا كان ما يشرع الاغتسال فيه ولا التنظف فيه، ولا، يكون كغيره من الجبال، نقول: نعم العبادات توقيفية نحفظ هذه الميزة، لكن لا نفعل إلا ما أمرنا به وما شرع لنا، فماذا عن قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة))،؟ ((ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة)) لولا أنه جاء في الحديث الصحيح: ((إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا)) لقلنا إن هذه البقعة كغيرها؛ لأننا لا نتعبد إلا بدليل، وقد جاء في الحديث:((إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا)) وهذه روضة من رياض الجنة، وتفسير رياض الجنة بحلق الذكر، حلق العلم تفسير للعام ببعض أفراده، لا يقتضي تخصيصاً فإذا مررنا بأي روضة جاء النص على أنها من رياض الجنة نرتع للأمر:((إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا)) تفسير العام ببعض أفراده لا يقتضي تخصيصاً، نعم أولى ما يرتع فيه حلق الذكر، وحلق العلم، وحلق التحفيظ، دروس العلم هذه أولى ما يرتع فيه، لكن إذا جاءنا نص من النصوص يدل على أن هذه البقعة من رياض الجنة نرتع بما يناسب من صلاة وذكر وتلاوة، وألا نعبد الله إلا بما شرع، لا نتعبد في هذه الأماكن بغير ما شرعه الله، فما بين البيت والمنبر روضة من رياض الجنة نرتع فيه، لكن على طالب العلم الذي ينظر إليه ويقتدي به أن ينظر في مسألة المصالح والمفاسد، هو مأمور أن يرتاع لكن إذا كان يقتدى به بحيث إذا رأوه بعض المبتدعة زاولوا بدعهم، وقالوا: إن هذه البدعة يتبرك فيها، ويتعظم، ويعتقد فيها ما يعتقد، ولولا أن الأمر كذلك ما جاء الشيخ فلان وجلس فيها ليذكر الله ويقرأ القرآن، إلا أنها ما، فيصرف فيها ويتعبد فيها بما لم يشرعه الله -جل وعلا-، فلا شك أن سد الذريعة هو المطلوب، ويبقى أن الحكم معروف وواضح ((إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا)).
نعم نرتع نصلي، نذكر، ندعو لا بأس، لكن إذا ترتب على ذلك مفسدة بحيث يقتدى بالإنسان في مثل عمله الظاهر هذا، فيزاول فيها ما لم يشرع فعلى الإنسان أن يكف، وأجره -إن شاء الله تعالى- في ذلك أعظم.