{فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ} [(٣٢) سورة النجم] يعني: لا تمدحوها "لا تمدحوها على سبيل الإعجاب" نحن فعلنا، نحن تركنا، لا؛ لأن حب المدح والثناء هذا قدح في الإخلاص، قدح في الإخلاص، وابن القيم -رحمه الله تعالى- يقول في كتاب الفوائد:"إذا حدثتك نفسك بالإخلاص فاعمد إلى حب المدح والثناء بسكين علمك أنه لا أحد مدحه ينفع ولا ذمه يضر إلا الله -جل وعلا-" ما في أحد ينفع مدحه ولا يضر إلا الله -جل علا-، فكيف تعرض نفسك تبدي ما فعلته لله -جل وعلا- مخلصاً فيه ثم بعد ذلك تنشره أمام الناس ليمدحوك؟! وإن كان بعض أهل العلم يستنبط من قول الله -جل وعلا-: {وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُواْ بِمَا لَمْ يَفْعَلُواْ} [(١٨٨) سورة آل عمران] أن محبة المدح بما يفعله الإنسان لا يدخل في الذم، لكن يبقى أنه لا بد أن يخدش في الإخلاص، إذا ذكر ذلك على سبيل الإعجاب لا بد أن يقدح في الإخلاص، يقول:"لا تمدحوها أي على سبيل الإعجاب، وأما على سبيل الاعتراف بالنعمة فحسن" يعني إذا أردت أن تبين للناس أن الله -جل وعلا- وفقك ويسر لك الحج ما في إشكال، يعني على سبيل الاعتراف بالنعمة، يسر لك مثلاً كتاب كذا الذي تستعين به على فهم العلم، يسر لك شيء من أمورك التي تنفعك، لا شك أن هذا لا بأس به، قالوا: هذا من التحدث بالنعمة، أما المحذور تزكية النفس بالتحدث بما فيها، أو بما فعله الإنسان من خير على سبيل الإعجاب.
والعجب فاحذره إن العجب مجترفٌ ... أعمال صاحبه في سيله العرمِ
{هُوَ أَعْلَمُ} [(٣٢) سورة النجم] أي: "عالم" أيضاً، هو أعلم أي: عالم، {بِمَنِ اتَّقَى} [(٣٢) سورة النجم] بمن اتقاه وجعل بينه وبين عذابه وقاية بفعل المأمورات وترك المحظورات، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.