مسألة الجهر بالبسملة، أولاً: من يرى أنها آية من الفاتحة معروف أنه يرى الجهر بها، ويكون معنى الحديث:"صليت خلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكرٍ وعمر فكانوا يفتتحون القرآن بالحمد لله" يعني بالسورة، بما في ذلك البسملة عند من يقول: بأنها آية منها، الذي يقول: بأنها ليست بآية من الفاتحة، وليست بآية من القرآن مطلقاً كالمالكية مثلاً إلا في سورة النمل، يقول: لا تقرأ لا سراً ولا جهراً؛ لأنهم لا يرون حتى دعاء الاستفتاح ولا التعوذ ولا غيره، الذين يرون أنها قرآن نزل للفصل بين السور، أنها ليست من الفاتحة بعينها يختلفون أيضاً، منهم من يرى الجهر، ومنهم من يرى الإسرار تبعاً للنصوص المختلفة في ذلك، فجاء في النصوص ما يدل على عدم الجهر وهو الأكثر والأصح، وجاء ما يدل على الجهر، وإن لم يكن في الصحيحين منه شيء، وجاء نفي الذكر، ذكر البسملة أصلاً، وهو في صحيح مسلم، وجاء في الحديث السابق: لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول القراءة ولا في آخرها، ومُثّل بهذا الحديث في علوم الحديث لعلة المتن؛ لأن الراوي لما سمع أنهم كانوا يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين فهم أنهم لا يقولون: بسم الله الرحمن الرحيم لا سراً ولا جهراً، فقال: لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم، ولذا يقول الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى- في ألفيته:
وعلة المتن كنفي البسملة ... إذ ظن راوٍ نفيها فنقله
ظن الراوي أن مراد الصحابي حينما قال: يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين أنهم لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم، فصرّح بنفيها، المقصود أن هذه المسألة مسألة الجهر وعدمه الشافعية يقولون: بالجهر، والحنابلة وغيرهم يقولون: بالإسرار لأنها تقال: سراً، وهو المروي، السرية هو المروي عن النبي -عليه الصلاة والسلام- بالأسانيد الصحيحة، وعن الخلفاء الأربعة، وطوائف من السلف من الصحابة والتابعين فمن بعدهم.