نكتفي بهذا لأن الموضع كل ما يبسط أظنه يزداد تعقيداً، هذا شأن المباحث الكلامية مشكلتها أنها لا تنتهي إلى حد مع أن الأمور محسومة شرعاً، يعني ولذلك الذي لا تدرك عقولهم مثل هذه الأشياء عليهم ألا يخوضوا فيها كما في مسائل القضاء والقدر، أهل العلم يحسمون هذه المسائل وينهون ويؤكدون على مسألة الكف عن الخوض فيها؛ لأنها قد توجد شبهات يضعف الإنسان عن حلها، فإذا ضعف الإنسان عن حلها صارت عالقة بذهن السامع بحيث لا يستطيع لا فهم الحل، لذا يحذرون من طرح هذه المسائل على عامة الناس، أما بالنسبة لطلاب العلم فسواء طرحت عليهم في الدروس، أو قراؤها في الكتب لا بد أن يطلعوا عليها، لابد أن يطلعوا عليها.
يقول -رحمه الله تعالى- في قوله:{وَمَا أَمْرُنَا} [(٥٠) سورة القمر] "لشيء نريد وجوده"{إِلَّا وَاحِدَةٌ}"إلا أمرةُ"{وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ} يقول: "وما أمرنا لشيء نريد وجوده، {إلا} أمرةُ، {واحدةُ كلمح بالبصر} في السرعة وهي قول: كن فيوجد"{إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [(٨٢) سورة يس]، {وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ} وهذا لا شك أنه تقريب وإلا إذا أراد شيئاً كان وما يشاءه يكون، قد يقول قائل: إن لمح البصر وإن كان في غاية من الخفة والسرعة إلا أنه يحتاج إلى وقت، إيش معنى وقت، يعني لا يلزم أن يكون وقت دقيقة أو أكثر أو أقل لا، المقصود أن لمح البصر يحتاج إلى وقت وإن كان يسيراً جداً بحيث لا يعتبر شيئاً يعني مثل ما جاء في ((لو أن أولكم وأخركم وإنسكم وجنكم اجتمعوا في صعيد واحد، فسألوني فأعطيت كل واحد مسألته ما نقص ذلك من ملكي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر)).