{الْمُنشَآتُ} يعني المحدثات التي أنشأها البشر وصنعوها هي لله -جل وعلا-؛ لأنه هو الذي يسيرها، يعني وسائل النقل الأخرى تسير لكن كيفية سيرها؟ إن كانت من صنع البشر فأمرها واضح، يعني لو قلنا: مثلاً السيارات والطائرات وغيرها، ما الذي يسير .. ؟ كيف تسير السيارة؟ على أمور محسوسة، أمور محسوسة صنعها البشر، وإن كان البشر لا يستقل فالله خالقه وخالق ما عمل، خالقه، خالق الصانع وخالق الصناعة، {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [(٩٦) سورة الصافات] لكن بالحس يدرك أن هذا الذي صنع هذه السيارة وصنع لها هذه الكفرات تجري على هذه الطريقة المحسوسة، الطائرات أيضاً أمرها واضح، لكن السفن التي تسيرها الرياح، وهي من الله -جل وعلا-، {إِن يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ} [(٣٣) سورة الشورى] يعني السفن أمرها يختلف عن الوسائل الأخرى، يعني الإبل والخيل والبغال والحمير ترى وسائل مشيها بالأرجل أو بالكفرات أو بغيرها، لكن السفن؟ الله -جل وعلا- هو الذي يجريها على هذا الماء، وإن كان هو المجري للجميع ولو شاء -جل وعلا- ما مشى شيء، لكن يبقى أن ما خفي أمره الاعتبار به أكثر، يعني مثل هذه السفن التي تجريها الريح، يعني كما في قوله -جل وعلا-: {إِن يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ} [(٣٣) سورة الشورى] يعني ابن جبير ذكر في رحلته أنه في طريقه من سواحل الشام إلى الأندلس ستة أشهر على السفن، ستة أشهر، فجاءت ريح معاكسة في يوم أو يومين أرجعتهم إلى سواحل الشام.
{وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنشَآتُ} [(٢٤) سورة الرحمن] المحدثات التي صنعها البشر بأمر الله -جل وعلا- وبإرادته وبتعليمه إياه؛ لأنه هو الذي علم الإنسان ما لم يعلم.