وعلى كل حال في هذا الكلام قولان لأهل العلم منهم من يرى أن لثلة من الأولين من الأمم الماضية، ومن الآخرين من هذه الأمة، ومنهم من يرى أن الثلة والقلة كلهم من هذه الأمة، ولا شك أن المقربين في صدر هذه الأمة أكثر منهم في أخرها، وهم الصادقون من الأمم وهذه الأمة والخبر قوله:{على سرر موضونة}[سورة الواقعة: ١٥]، {على سرر موضونة}، أخذ يفصل في حال السابقين وهم بالنسبة للإجمال أخر من ذكر، وبالنسبة للتفصيل أول من ذكر، على سرر موضونة يعني منصوبة منسوجة يقول: بقضبان الذهب والجواهر، السرر المنسوجة بقضبان الذهب والجواهر، الذهب حرام على ذكور الأمة أن يشربوا فيه وأن يستعملوه، ولكنه في الآخرة حل لهم، والذهب والحرير يستعملها الكفار في الدنيا، وهي لهم في الدنيا ولنا في الآخرة، كما في جاء في الحديث ((هي لهم في الدنيا ولكم في الآخرة)) فليس شيء ممنوع في الآخرة مما منع منه في الدنيا ومن استعماله في الدنيا مع علمه بأنه ممنوع منه كما في جاء في الخمر: ((من شربها في الدنيا لم يشربها في الآخرة، ومن سمع الغناء في الدنيا لم يسمع غناء الحور العين في الجنة)) والجزاء من جنس العمل، {على سرر} وهو جمع سرير وهو ما يجلس عليه وينام عليه موضونة يعني منسوجة بقضبان الذهب والجواهر، هناك جنتان من ذهب، وجنتان من فضة، على ما ذكر في سورة الرحمن، {متكئين عليها متقابلين}[سورة الواقعة: ١٦]{متكئين عليها} يعني: على هذه السرر، متقابلين وجوه بعضهم إلى وجوه الآخرين لا يولي أحدهم ظهره، بل الوجوه متقابلة، الوجوه متقابلة، كل إنسان يسمع هذا الكلام ويطمع فيه وتشرئبوا نفسه إليه، لكن مع الأسف أن تجد من يمني نفسه بهذا ولا يعمل أو يخالف أحيانا في بعض المراكب من وسائل النقل كراسي متقابلة، تجد كرسين هنا أو كرسين أو ثلاثة متقابلين، من الذي يركب في هذه ومن الذي يركب في هذه، تجد مع الأسف أن هذه فيها نساء ويقابلها لا رجال من غير محارمهن، هل مثل هؤلاء يرجون مثل هذه السرر التي عليها متقابلين وهن يخوضون في المحرمات؟ كل شيء برحمة أرحم الراحمين والعمل لا ينجي بذاته ((ولن ينجئ أحدكم أو أحدكم عمله قالوا ولا أنت يا رسول الله قال: ولا أنا إلا أن