فالعاقل هو الذي يجعل هذه الدنيا مجرد مرر للآخرة، ((كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل، عابر السبيل)) الذي يحرص على أن يحمل الأشياء الثقيلة على ظهره وهو في الطريق؟ لا يحمل الخفيف، يحمل ما يبلغه ما يطول به بلاغه، وما عدا ذلك من أمور الدنيا لا يحمله لآلا يثقله ويوهنه يحبسه عن تحقيق الهدف الذي من أجله خلق، يقول: في سموم في ريح حارة من النار تنفذ في مسام الجلد، في مسام يعني تنفث إلى داخل البدن، وحميم ماء حار شديد الحرارة، سموم الهوا شديد الحرارة، والماء شديد الحرارة - نسأل الله السلامة والعافية-، فماء الحميم إذا أقبل به على وجه ليشرب منه سقطت جلدة وجه في الماء، نقول: حميم كم درجة الغيلان؟ لا، المسألة تختلف يعني الماء الحار، الماء الذي يعد لشاي أو للقهوة لا يمكن أن شربه إنسان على أنه ماء لا يمكن، تفتح السخان وتشرب ماء! هذا لا يمكن أن يستساغ، مع أنه بالنسبة للحميم لا شيء، كما أن نسبة نار الدنيا بالنسبة إلى نار الآخرة نسبة واحد إلى سبعين، ((جزء من سبعين جزء، قالوا وإن كانت كافية يا رسول الله، يعني نار الدنيا كافية للإحراق، قال لكنها فضلت عليها بتسعة وستين جزء))، فجاءه بعض بالآثار:((أن من يدخل النار لو خرج منها لنام في ناركم))، باردة بالنسبة للنار الآخرة، وهنا في {فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ}[سورة الواقعة: ٤٢]، ماء شديد الحرارة.