العالم مشتق من إيش؟ من العلامة؛ لأنه علامة على خالقه وموجده، أو من العِلْم لأن من شأنه أن يعلم، فالذي يخص العالم بالعقلاء يقول: من العِلْم، والذي يجعل العالم عام لجميع ما سوى الله -جل وعلا- هو قول الأكثر يجعله من العلامة.
{الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ} [(٣) سورة الفاتحة] أي ذي الرحمة، وهي إرادة الخير لأهله.
نعم، تقدم تفسير الرحمن الرحيم في تفسير البسملة، والمفسر هنا جرى على طريقة الأشعرية في تأويل صفة الرحمة لله -سبحانه وتعالى- بإرادة الخير، تفسير الصفة بلازمها، بإرادة الخير لأهله أي لمن يستحقه، فراراً من إثبات صفة الرحمة لله -سبحانه وتعالى-، والذي عليه أهل السنة والجماعة إثبات ما أثبته الله -سبحانه وتعالى- لنفسه، وما أثبته له رسوله -صلى الله عليه وسلم- من صفات الكمال، ونعوت الجلال على ما يليق بجلاله وعظمته من غير تكييف، ولا تمثيل، ولا تأويل، ولا وتعطيل، وفي صحيح البخاري: الرحمن الرحيم اسمان من الرحمة، الرحيم والراحم بمعنىً واحد، كالعليم والعالم، وذكر الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في فتح الباري عن ابن المبارك: الرحمن إذا سئل أعطى، والرحيم إذا لم يسأل يغضب، الرحمن إذا سئل أعطى، والرحيم إذا لم يسأل يغضب، ثم قال: ومن الشاذ ما روي عن المبرد وثعلب أن الرحمن عبراني، والرحيم عربي، وقد ضعفه ابن الأنباري والزجاج وغيرهما، وقد وجد في اللسان العبراني لكنه بالخاء المعجمة، يقول: الرحمن عبراني، نعم هو وجد بالعبرانية لكنه بالخاء المعجمة، ومعروف اللغة العبرية أكثرها خاء، الشين والخاء لا تكاد تخلو منها جملة من جمله.
{مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [(٤) سورة الفاتحة] أي الجزاء، وهو يوم القيامة، وخص بالذكر لأنه لا ملك ظاهراً فيه لأحد إلا لله تعالى، بدليل {لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ} [(١٦) سورة غافر] ومن قرأ مالك فمعناه مالك الأمر كله في يوم القيامة، أو هو موصوف بذلك دائماً كغافر الذنب، فصح وقوعه صفةً لمعرفة.