للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِسْنَادُ الْإِسْنَادَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ مَعَ مُغَايَرَةِ بَعْضِ رِجَالِ الْإِسْنَادِ، وَأَمَّا قَوْلُ الْحَنَفِيِّ فِي بَعْضِ النُّسَخِ: وُجِدَ فِي الْأَخِيرِ " يَلْبَسُهُ " وَزِيدَ فِيهِ " عَنْ أُمِّهِ "، فَفِيهِ أَنَّ قَوْلَهُ " عَنْ أُمِّهِ " مَوْجُودٌ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ فِي الْإِسْنَادِ الْأَخِيرِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي زِيَادَةِ يَلْبَسُهُ فِي مَتْنِهِ. (عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ) : قِيلَ اسْمُهَا هِنْدٌ. (قَالَتْ: كَانَ أَحَبُّ الثِّيَابِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَمِيصَ) : اعْلَمْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَوْرَدَ هَذَا الْحَدِيثَ بِثَلَاثَةِ أَسَانِيدَ، وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ فِي الرِّوَايَةِ الثَّالِثَةِ جُمْلَةُ " يَلْبَسُهُ قَبْلَ الْقَمِيصِ " وَهِيَ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ عَنْ " أَحَبُّ الثِّيَابِ " وَتَذْكِيرُ الضَّمِيرِ بِاعْتِبَارِ الثَّوْبِ، وَفِيهِ إِشْعَارٌ بِمَا لِأَجْلِهِ كَانَ أَحَبَّ إِلَيْهِ، فِإنَّهُ كَانَ يُحِبُّهُ لِلُبْسِهِ لَا لِنَحْوِ إِهْدَائِهِ فَهُوَ أَحَبُّ إِلَيْهِ لُبْسًا، وَأَمَّا الْجَمْعُ بَيْنَ هَذَا الْحَدِيثِ وَبَيْنَ مَا سَيَأْتِي أَنَّ " الْحِبَرَةِ كَانَتْ أَحَبُّ إِلَيْهِ " فَبِأَنْ يُقَالَ: إِنَّ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى الثِّيَابِ الْمَخِيطَةِ وَذَلِكَ عَلَى غَيْرِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (قَالَ) : أَيْ أَبُو عِيسَى الْمُؤَلِّفُ: وَحُذِفَ لِظُهُورِهِ وَدَلَالَةِ السِّيَاقِ عَلَيْهِ. ذَكَرَهُ مِيرَكُ، وَفِي نُسْخَةٍ " قَالَ أَبُو عِيسَى "، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ تَصَرُّفَاتِ النُّسَّاخِ. وَقَالَ الْحَنَفِيُّ وَلَمْ يُوجَدْ فِي بَعْضِ النُّسَخِ لَفْظُ " قَالَ " قُلْتُ: وَهَذَا أَيْضًا مِنْ تَصَرُّفَاتِهِمْ مَرَّةً يَنْقُصُونَ وَأُخْرَى يَزِيدُونَ، وَالْأَصْلُ الْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ وَهُوَ الْمُعَوَّلُ. ثُمَّ الْمَقُولُ (هَكَذَا) : أَيْ بِزِيَادَةِ " عَنْ أُمِّهِ " فِي السَّنَدِ فَالْإِشَارَةُ إِلَى السَّابِقِ أَوِ اللَّاحِقِ. (قَالَ زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ) : وَمَا أَحْسَنَ خُصُوصِيَّةَ زِيَادٍ بِالزِّيَادَةِ فِي الْإِسْنَادِ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الرَّازِيُّ: رَوَى عَنْ أَبِي تُمَيْلَةَ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ عَنْ أُمِّهِ، وَرَوَى زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ عَنْهُ وَذَكَرَ عَنْ أُمِّهِ. (فِي حَدِيثِهِ) : مُتَعَلِّقَةٌ بِقَوْلِهِ " قَالَ "، قَالَ الْعِصَامُ: ذَا إِشَارَةٌ إِلَى مَا فِي الْإِسْنَادِ مِنْ قَوْلِهِ: (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ) : وَلَمْ يَكْتَفِ بِتَحْدِيثِهِ عَنْ زِيَادِ بْنِ أَيُّوبَ بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ، وَعَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ هَكَذَا إِلَى آخِرِهِ

دَفْعًا لِتَوَهُّمِ أَنَّ زِيَادَةَ " عَنْ أُمِّهِ " مِنْ تَصَرُّفَاتِهِ لِمَعْرِفَتِهِ أَنَّهُ سَقَطَ عَنْ إِسْنَادِ زِيَادٍ، فَدَفَعَ نُقْصَانَ الْإِسْنَادِ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ الْمَعْلُومَةِ لَهُ مِنْ تَحْقِيقِ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يَكْتَفِ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ، وَبَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، بِطَرِيقِ عَطْفِ الْبَيَانِ ; لِأَنَّ صِفَةَ اسْمِ الْإِشَارَةِ لَا يَكُونُ إِلَّا الْمُعَرَّفِ بِاللَّامِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ " هَكَذَا " إِشَارَةٌ إِلَى مَتْنِ الْحَدِيثِ، وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّهُ نُقِلَ بِالْمَعْنَى لَا بِخُصُوصِ لَفْظِ " زِيَادٍ ". وَقَوْلُهُ (وَهَكَذَا) : إِشَارَةٌ إِلَى قَوْلِهِ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ. (رَوَى غَيْرُ وَاحِدٍ) : قَالَ مِيرَكُ: أَيْ مِنْ مَشَايِخِي مِنْ أَهْلِ الضَّبْطِ وَالْإِتْقَانِ. (عَنْ أَبِي تُمَيْلَةَ مِثْلَ رِوَايَةِ زِيَادِ بْنِ أَيُّوبَ) : وَالْمَقْصُودُ تَقْوِيَةُ رِوَايَةِ زِيَادِ بْنِ أَيُّوبَ، قَالَ الْحَنَفِيُّ: قَوْلُهُ: وَرَوَى غَيْرُ وَاحِدٍ إِلَخْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اثْنَيْنِ فَصَاعِدًا غَيْرُ زِيَادِ بْنِ أَيُّوبَ رَوَوْا أَيْضًا عَنْ أَبِي تُمَيْلَةَ مِثْلَ رِوَايَةِ زِيَادٍ عَنْهُ. وَقَالَ الْعِصَامُ: وَلَمْ يَكْتَفِ بِقَوْلِهِ: هَكَذَا، فَقَالَ: عَنْ أَبِي تُمَيْلَةَ إِلَى آخِرِهِ ; لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ مَا بَيْنَ أَبِي تُمَيْلَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ غَيْرُ مُخْتَلَفٍ فِي رِوَايَةِ غَيْرِ وَاحِدٍ، ثُمَّ نَبَّهَ عَلَى أَنَّ أَبَا تُمَيْلَةَ يُرَجِّحُ زِيَادَةَ " عَنْ أُمِّهِ " فَقَالَ: (وَأَبُو تُمَيْلَةَ هَذَا يَزِيدُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ) : أَيْ فِي ذِكْرِهِ. (عَنْ أُمِّهِ وَهُوَ أَصَحُّ) : يَعْنِي تَعَقَّبَ قَوْلَهُ " عَنْ أُمِّهِ " بِقَوْلِهِ " وَهُوَ أَصَحُّ "، فَمَقُولُ يَزِيدَ قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَإِنَّمَا زَادَ قَوْلَهُ " عَنْ أُمِّهِ " تَعْيِينًا لِمَوْقِعِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ، وَمَنْ لَمْ يَتَنَبَّهْ لَهُ وَجَعَلَ الْمَزِيدَ مُجَرَّدَ قَوْلِهِ " عَنْ أُمِّهِ " رَأَى قَوْلَهُ " وَأَبُو تُمَيْلَةَ " يَزِيدُ إِلَى آخِرِهِ زِيَادَةً لَا فَائِدَةَ فِيهِ، وَاعْتَذَرَ بِأَنَّهُ تَأْكِيدُ مَا سَبَقَ، وَجَعَلَ قَوْلَهُ: وَهُوَ أَصَحُّ، قَوْلَ أَبِي عِيسَى دُونَ أَبِي تُمَيْلَةَ، فَقَدْ أَوْضَحْتُ لَكَ الْمَرَامَ، وَقَدْ كَانَ فِي غَايَةِ الْإِبْهَامِ، وَقَالَ الْحَنَفِيُّ: قَوْلُهُ " وَأَبُو تُمَيْلَةَ إِلَخْ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ غَيْرِ أَبِي تُمَيْلَةَ مِنَ الرُّوَاةِ عَنْ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ مِثْلِ: الْفَضْلِ بْنِ مُوسَى بِطَرِيقَيْهِ، وَزَيْدِ بْنِ حُبَابٍ، بِطَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ حُمَيْدٍ الرَّازِيِّ لَا يَزِيدُونَ " عَنْ أُمِّهِ "، وَبِالْجُمْلَةِ لَمْ يَزِدْ مِنْ بَيْنِ الرُّوَاةِ عَنْ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ إِلَّا أَبُو تُمَيْلَةَ، وَلَمْ يَزِدْ مِنْ بَيْنِ رُوَاةِ أَبِي تُمَيْلَةَ إِلَّا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الرَّازِيُّ، وَزَادَ غَيْرُهُ مِنْ زِيَادِ بْنِ أَيُّوبَ وَغَيْرِهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ، انْتَهَى. وَالْمَعْنَى أَنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ الَّتِي فِيهَا زِيَادَةُ " أُمُّهِ " أَصَحُّ مِنْ رِوَايَةِ إِسْقَاطِهَا، وَفِي شَرْحِ مِيرَكَ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي جَامِعِهِ أَيْ بَعْدَ رِوَايَةِ هَذَا الْحَدِيثِ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ، إِنَّمَا نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ بْنِ خَالِدٍ، تَفَرَّدَ بِهِ وَهُوَ مَرْوَزِيٌّ، وَرَوَى بَعْضُهُمْ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي تُمَيْلَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، وَإِنَّمَا يُذْكَرُ فِيهِ أَبُو تُمَيْلَةَ، عَنْ أُمِّهِ. وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ - يَعْنِي الْبُخَارِيَّ - قَالَ: حَدِيثُ ابْنِ أَبِي بُرَيْدَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَصَحُّ. وَإِنَّمَا حُكِمَ بِكَوْنِهِ أَصَحَّ إِمَّا لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ سَمَاعُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ مُطْلَقًا أَوْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِخُصُوصِهِ، وَإِمَّا لِأَنَّ أَبَا تُمَيْلَةَ أَوْثَقُ وَأَحْفَظُ مِنْ رَفِيقَيْهِ وَهُمَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى وَزَيْدُ بْنُ حُبَابٍ، فَإِنَّ عَلِيَّ بْنَ الْمَدِينِيِّ قَدَّمَ أَبَا تُمَيْلَةَ عَلَى الْفَضْلِ بْنِ مُوسَى، وَقَالَ: رَوَى الْفَضْلُ أَحَادِيثَ مَنَاكِيرَ. وَقَالَ أَحْمَدُ: زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ صَدُوقٌ وَلَكِنَّهُ كَانَ كَثِيرَ الْخَطَأِ. وَأَمَّا أَبُو

<<  <  ج: ص:  >  >>