للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فَلَمْ يُخْطِأْ عَلَى صِيغَةِ الْمَعْلُومِ لِكَوْنِهِ بِمَعْنَى الْإِخْطَاءِ كَمَا مَرَّ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ، فَلَمْ يَخْطُ عَلَى صِيغَةِ الْمَعْلُومِ مِنَ الْخَطْوِ. وَالْخُطُوَاتُ: بِالضَّمِّ بُعْدُ مَا بَيْنَ الْقَدَمَيْنِ فِي الْمَشْيِ، وَبِالْفَتْحِ الْمَرَّةُ، وَجَمْعُ الْخُطْوَةِ فِي الْكَثْرَةِ خُطًى، وَفِي الْقِلَّةِ خُطْوَاتٌ بِسُكُونِ الطَّاءِ، وَضَمِّهَا وَفَتْحِهَا، وَلَا بُدَّ هُنَا مِنَ اعْتِبَارِ التَّجَوُّزِ أَيْ: لَمْ تَتَجَاوَزْ هَذِهِ الرَّمْيَةُ مِنَ الرَّجُلِ الْمَذْكُورِ انْتَهَى. (وَانْقَلَبَ) أَيْ: سَقَطَ الرَّجُلُ عَلَى عَقِبِهِ (وَشَالَ بِرِجْلِهِ) الْبَاءُ لِلتَّعْدِيَةِ أَيْ: رَفَعَهَا يُقَالُ شَالَتِ النَّاقَةُ بِذَنَبِهَا، وَأَشَالَتْهُ أَيْ: رَفَعَتْهُ، وَفِي بَعْضِ نُسْخَةٍ، وَأَشَالَ فَالْبَاءُ زَائِدَةٌ لِتَأْكِيدِ التَّعْدِيَةِ قَالَ الْحَنَفِيُّ: وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ، فَشَالَ بِالْفَاءِ بَدَلَ الْوَاوِ، وَفِي بَعْضِهَا، وَأَشَادَ مِنَ الْإِشَادَةِ، وَيَقْرُبُ مَعْنَاهُ مِمَّا مَرَّ وَتَعَدَّى بِالْبَاءِ قُلْتُ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ تَصْحِيفٌ لِمَا فِي الْقَامُوسِ مِنْ أَنَّ الْإِشَادَةَ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالشَّيْءِ، وَتَعْرِيفُ الضَّالَّةِ، وَالْإِهْلَاكُ.

(فَضَحِكَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ) أَيْ: مِنْ قَتْلِ سَعْدٍ إِيَّاهُ، وَغَرَابَةِ إِصَابَةِ سَهْمِهِ لِعَدُوِّهِ، وَالِانْقِلَابِ النَّاشِئِ عَنْهُ مَعَ رَفْعِ الرِّجْلِ لَا مِنَ انْكِشَافِ عَوْرَتِهِ لِأَنَّ كَشْفَ عَوْرَةِ الْحَرْبِيِّ، وَالنَّظَرَ إِلَيْهِ قَصْدًا يَحْرُمُ.

(قُلْتُ) وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ فَقُلْتُ، وَالْقَائِلُ: هُوَ عَامِرٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَقَالَ مِيرَكُ: قَائِلُهُ مُحَمَّدٌ الرَّاوِي عَنْ عَامِرٍ. (مِنْ أَيِّ شَيْءٍ ضَحِكَ) . أَيِ: النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَالَ) أَيْ: سَعْدٌ أَوْ عَامِرٌ. (مِنْ فِعْلِهِ) أَيْ: مِنْ فِعْلِ سَعْدٍ، وَهُوَ عَلَى الْأَوَّلِ الْتِفَاتٌ. (بِالرَّجُلِ) . قَالَ مِيرَكُ: أَيْ: ضَحِكَ مِنْ قَتْلِهِ عَدُوَّهُ لَا مِنَ الِانْكِشَافِ كَذَا قِيلَ، وَفِيهِ تَأَمُّلٌ. انْتَهَى

وَفِيهِ أَنَّ مِنَ الْوَاضِحِ الْجَلِيِّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَضْحَكَ مِنْ كَشْفِ الْعَوْرَةِ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَكَارِمِ أَخْلَاقِهِ بَلْ إِنَّمَا ضَحِكَ فَرَحًا بِمَا فَعَلَهُ سَعْدٌ بِعَدُوِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الْقَتْلِ الْعَجِيبِ، وَالِانْقِلَابِ الْغَرِيبِ، وَسُرُورًا بِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ إِطْفَاءِ نَارِ الْكُفْرِ، وَإِبْدَاءِ نُورِ الْإِيمَانِ، وَقُوَّةِ الْإِسْلَامِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَلِيقُ بِجَنَابِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى أَنَّ فِي نَفْسِ السُّؤَالِ، وَالْجَوَابِ إِشَارَةً عَلَى رَدِّ ذَلِكَ، فَكَأَنَّ السَّائِلَ تَرَدَّدَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضَحِكَ مِنْ كَشْفِ عَوْرَةِ الرَّجُلِ كَمَا يَتَبَادَرُ إِلَى فَهْمِ بَعْضِهِمْ أَوْ مِنْ فِعْلِ سَعْدٍ بِهِ، فَقَالَ: مِنْ فِعْلِهِ بِالرَّجُلِ أَيْ: قَتْلِهِ ; فَإِنَّ كَشْفَ عَوْرَتِهِ لَيْسَ مِنْ فِعْلِ سَعْدٍ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

(بَابُ مَا جَاءَ فِي صِفَةِ مُزَاحِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -)

بِضَمِّ الْمِيمِ، وَكَسْرِهَا، وَالْأَوَّلُ: أَظْهَرُ كَمَا سَنُبَيِّنُهُ فِي النِّهَايَةِ الْمُزَاحُ: الدُّعَابَةُ، وَقَدْ مَزَحَ يَمْزَحُ، وَالِاسْمُ بِالضَّمِّ، وَأَمَّا الْمِزَاحُ بِكَسْرِ الْمِيمِ، فَهُوَ مَصْدَرُ مَازَحَهُ يُمَازِحُهُ، وَهُمَا يَتَمَازَحَانِ وَفِي الْقَامُوسِ: مَزَحَ كَمَنَعَ مُزَاحًا بِضَمٍّ انْتَهَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>