وَقِيلَ: الرُّمَّانُ وَأَصْلُهُ أَجْرُوٌ، فَإِنَّ الْعَرَبَ إِنَّمَا جَمَعَتْ فِعْلًا عَلَى أَفْعُلٍ، كَضِرْسٍ وَأَضْرُسٍ، وَكَلْبٍ وَأَكْلُبٍ أَيْ صِغَارٍ (مِنْ قِثَّاءِ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَبِضَمٍّ (زُغْبٍ) بِضَمِّ الزَّايِ وَسُكُونِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، جَمْعُ الْأَزْغَبِ مِنَ الزَّغَبِ بِالْفَتْحِ، هُوَ صِغَارُ الرِّيشِ أَوَّلُ مَا طَلَعَ شَبَّهَ بِهِ مَا عَلَى الْقِثَّاءِ مِنَ الزَّغَبِ عَلَى مَا فِي النِّهَايَةِ، وَرُوِيَ زُغْبٌ مَرْفُوعًا عَلَى أَنَّهُ صِفَةُ أَجْرٍ، وَمَجْرُورًا عَلَى أَنَّهُ صِفَةُ قِثَّاءٍ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَيُؤَيِّدُهُ مَا سَيَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ وَأَجْرٍ زُغْبٍ، وَفِي نُسْخَةٍ أُخْرَى بِمَدِّ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، أَيْ وَعَلَى قِنَاعِ الرُّطَبِ قِنَاعٌ آخَرُ مِنْ قِثَّاءِ زُغْبٍ، وَحِينَئِذٍ يَتَعَيَّنُ جَرُّ زُغْبٍ (كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ الْقِثَّاءَ) أَيْ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الرُّطَبِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ الْمُؤَيِّدُ لِمَا سَبَقَ مِنْ جَمْعِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمَا (فَأَتَيْتُ بِهِ) الْبَاءُ لِلتَّعْدِيَةِ أَيْ جِئْتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْقِنَاعِ الْمَذْكُورِ، وَفِي نُسَخٍ بِهَا أَيِ الْأَشْيَاءِ الْمَذْكُورَةِ (وَعِنْدَهُ) الْوَاوُ لِلْحَالِ (حُلِيَّةٌ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ فَتَشْدِيدِ تَحْتِيَّةٍ جَمْعُ حُلِيٍّ بِضَمِّ أَوَّلِهِ، وَقَدْ يُكْسَرُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ قُرِئَ فِي الْمُتَوَاتِرِ بِضَمِّ الْحَاءِ، وَكَذَا بِكَسْرِهَا عَلَى الْإِتْبَاعِ وَفِي نُسْخَةٍ بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ فَتَخْفِيفِ تَحْتِيَّةٍ عَلَى وَزْنٍ لِحْيَةٍ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ وَهُوَ الْأَظْهَرُ لِوُجُودِ التَّاءِ وَاخْتَارَهُ الْحَنَفِيُّ.
وَقَالَ فِي الْمُغْرِبِ: الْحُلِيُّ عَلَى فُعُولٍ جَمْعٌ كَثُدِيٍّ فِي جَمْعِ ثَدْيٍ، وَهِيَ مِمَّا تَتَحَلَّى بِهِ الْمَرْأَةُ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، انْتَهَى. وَأَمَّا وَجْهُ الْحُلِيَّةِ بِضَمِّ الْحَاءِ وَكَسْرِ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ مَعَ تَاءِ التَّأْنِيثِ عَلَى مَا رُوِيَ فِي هَذَا الْمَقَامِ، فَلَا وَجْهَ لَهُ إِلَّا إِذَا جَوَّزَ إِلْحَاقَ التَّاءِ بِالْجَمْعِ، انْتَهَى.
وَفِي الْقَامُوسِ الْحَلْيُ بِالْفَتْحِ مَا يُزَيَّنُ بِهِ مِنْ مَصُوغِ الْمَعْدِنِيَّاتِ أَوِ الْحِجَارَةِ، جَمْعُهُ حُلِيٌّ كَدُلِيٍّ أَوْ هُوَ جَمْعٌ وَالْوَاحِدُ حَلْيَةٌ كَظَبْيَةٍ، وَالْحِلْيَةُ بِالْكَسْرِ الْحَلْيُ الْجَمْعُ حَلًى وَحُلًى، انْتَهَى. وَبِهَذَا يُعْرَفُ مَا فِي كَلَامِ ابْنِ حَجَرٍ حَيْثُ قَالَ: حِلْيَةٌ بِكَسْرٍ أَوْ فَتْحٍ فَسُكُونٍ فَتَخْفِيفٍ وَبِكَسْرٍ فَسُكُونٍ انْتَهَى.
أَمَّا قَوْلُهُ: حَلْيَةٌ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ فَلَا يَخْفَى أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلرِّوَايَةِ وَالدِّرَايَةِ فَإِنَّ الْمُرَادَ فِي هَذَا الْمَقَامِ هُوَ مَعْنَى الْجَمْعِ أَوِ الْجِنْسِ لَا الْوَحْدَةُ وَأَمَّا قَوْلُهُ: فَبِكَسْرٍ فَسُكُونٍ فَتَشْدِيدٍ، فَلَا شَكَّ أَنَّهُ خَطَأٌ مِنَ الْكِتَابِ أَوْ سَهْوُ قَلَمٍ مِنْ صَاحِبِ الْكِتَابِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. (قَدْ) لِلتَّحْقِيقِ وَمَدْخُولُهَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِلْحِلْيَةِ أَوْ حَالٌ مِنْهَا، وَقَوْلُهُ: (قَدِمَتْ عَلَيْهِ) بِكَسْرِ الدَّالِ مِنَ الْقُدُومِ، وَهُوَ الْعَوْدُ مِنَ السَّفَرِ فَالْإِسْنَادُ فِيهِ مَجَازِيٌّ، أَيْ وَصَلَتْ إِلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِلْكَ الْحِلْيَةُ (مِنَ الْبَحْرَيْنِ) بَلَدٌ مَشْهُورٌ (فَمَلَأَ يَدَهُ مِنْهَا) أَيْ مِنَ الْحِلْيَةِ (فَأَعْطَانِيهِ) أَيْ
مَلَأَ يَدَهُ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى كَمَالِ كَرَمِهِ وَمُرُؤَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرِعَايَتِهِ الْمُنَاسِبَةِ التَّامَّةِ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ أَحَقُّ مَا يَتَزَيَّنُ بِهِ.
(حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْجِيمِ، (أَنْبَأَنَا شَرِيكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ، وَفِي نُسْخَةٍ أَخُو عَلِيٍّ بِتَقْدِيرِ هُوَ الرَّاجِعِ إِلَى عَقِيلٍ (عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوَّذِ بْنِ عَفْرَاءَ، قَالَتْ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقِنَاعٍ مِنْ رُطَبٍ وَأَجْرِ) بِالْجَرِّ (زُغْبٍ فَأَعْطَانِي مِلْءَ كَفِّهِ حُلِيًّا) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ فَتَشْدِيدِ تَحْتِيَّةٍ، وَفِي نُسْخَةٍ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فَتَخْفِيفِ تَحْتِيَّةٍ، وَأَمَّا قَوْلُ الْحَنَفِيِّ بِضَمِّ الْحَاءِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَتَخْفِيفِ الْيَاءِ، فَلَا وَجْهَ لَهُ لَا رِوَايَةً وَلَا دِرَايَةً (أَوْ قَالَتْ: ذَهَبًا) وَالشَّكُّ مِنَ الرَّاوِي عَنِ الرُّبَيِّعِ أَوْ مِمَّنْ دُونَهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(بَابٌ فِي صِفَةِ شَرَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute