للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْبَيْتِ هُوَ الْحُجْرَةُ نَفْسُهَا أَيْ: يُسْمِعُ مَنْ فِي الْحُجْرَةِ، وَهُوَ فِيهَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْأَزْهَارِ، وَقَالَ الْعَسْقَلَانِيُّ: الْحُجْرَةُ أَخَصُّ مِنَ الْبَيْتِ انْتَهَى.

وَالْمَقْصُودُ أَنَّ قِرَاءَتَهُ كَانَتْ مُتَوَسِّطَةً لَا فِي نِهَايَةِ الْجَهْرِ، وَلَا فِي غَايَةِ الْإِخْفَاءِ.

(بَابُ مَا جَاءَ فِي بُكَاءِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -)

هُوَ بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ مَقْصُورًا خُرُوجُ الدَّمْعِ مَعَ الْحُزْنِ، وَمَمْدُودًا خُرُوجُهُ مَعَ رَفْعِ الصَّوْتِ كَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ مِنْ بَيْنِ الشُّرَّاحِ، وَأَطْلَقَ صَاحِبُ الْقَامُوسِ حَيْثُ قَالَ: بَكَى يَبْكِي بُكَاءً وَبُكًا (حَدَّثَنَا سُوِيدُ بْنُ نَصْرٍ) وَفِي نُسْخَةٍ ابْنُ النَّصْرِ (أَخْبَرَنَا) وَفِي نُسْخَةٍ حَدَّثَنَا (عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ مُطَرِّفٍ) بِكَسْرِ الرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ (وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ) بِكَسْرِ الشِّينِ، وَتَشْدِيدِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَتَيْنِ (عَنْ أَبِيهِ) وَهُوَ صَحَابِيٌّ مِنْ مُسْلِمَةِ الْفَتْحِ (قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ) وَفِي نُسْخَةٍ النَّبِيَّ (- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يُصَلِّي وَلِجَوْفِهِ أَزِيزٌ) بِالزَّائَيْنِ بَيْنَهُمَا تَحْتِيَّةٌ عَلَى وَزْنِ فَعِيلٍ أَيْ: غَلَيَانٌ، وَقِيلَ صَوْتٌ وَفِي النِّهَايَةِ أَيْ: خَنِينٌ مِنَ الْخَوْفِ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، وَهُوَ صَوْتُ الْبُكَاءِ، وَقِيلَ هُوَ أَنْ يَجِيشَ جَوْفُهُ، وَيَغْلِيَ بِالْبُكَاءِ (كَأَزِيزِ الْمِرْجَلِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ، وَفَتْحِ الْجِيمِ الْقِدْرُ مِنْ نُحَاسٍ أَوْ حَجَرٍ أَوْ حَدِيدٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ أَوِ الْقِدْرُ مُطْلَقًا كَمَا اخْتَارَهُ الْعَسْقَلَانِيُّ.

(مِنَ الْبُكَاءِ) أَيْ: مِنْ أَجْلِهِ أَوْ بِسَبَبِهِ، وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى كَمَالِ خَوْفِهِ، وَخَشْيَتِهِ وَخُضُوعِهِ فِي عُبُودِيَّتِهِ، وَمِنْ ثَمَّةَ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا، وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا، وَقَالَ: إِنِّي لَأَعْلَمُكُمْ بِاللَّهِ وَأَشَدُّكُمْ لَهُ خَشْيَةً، رَوَاهُمَا الْبُخَارِيُّ.

وَرَوَى مُسْلِمٌ: وَالَّذِي نَفْسِ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ رَأَيْتُمْ مَا رَأَيْتُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا، وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا، قَالُوا: وَمَا رَأَيْتَ يَا رَسُولَ

اللَّهِ، قَالَ: رَأَيْتُ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ.

فَجَمَعَ لَهُ تَعَالَى بَيْنَ عِلْمِ الْيَقِينِ، وَعَيْنِ الْيَقِينِ بَلْ جَمَعَ لَهُ مَعَ ذَلِكَ حَقَّ الْيَقِينِ.

وَالْخَشْيَةُ أَخَصُّ مِنَ الْخَوْفِ إِذْ هِيَ خَوْفٌ مَقْرُونٌ بِتَعْظِيمِ شَيْءٍ عَنْ مَعْرِفَةٍ كَامِلَةٍ، وَمِنْ ثَمَّةَ قَالَ تَعَالَى إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ وَمَعْنَى الْقِرَاءَةِ الشَّاذَّةِ إِنَّمَا يُعَظِّمُ اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ عَلَى طَرِيقِ التَّجْرِيدِ.

(حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ

<<  <  ج: ص:  >  >>