عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبِيدَةَ) بِفَتْحِ عَيْنٍ فَكَسْرِ مُوَحَّدَةٍ (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ) أَيِ: ابْنِ مَسْعُودٍ كَمَا فِي نُسْخَةٍ (قَالَ: قَالَ) أَيْ: لِي كَمَا فِي نُسْخَةٍ (رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اقْرَأْ عَلَيَّ) أَيْ: وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ كَمَا فِي رِوَايَةِ الصَّحِيحَيْنِ كَذَا ذَكَرَهُ الْحَنَفِيُّ لَكِنْ قَالَ مِيرَكُ: وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَعْمَشِ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ بِلَفْظِ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ فَضَالَةَ الظَّفَرِيِّ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ وَهُوَ فِي بَنِي ظَفَرٍ أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالطَّبَرَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ فَضَالَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتَاهُمْ فِي بَنِي ظَفَرٍ، وَمَعَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَأُنَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ أَمَرَ قَارِئًا فَقَرَأَ فَأَتَى عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا فَبَكَى حَتَّى ضَرَبَ لَحْيَاهُ، وَوَجْنَتَاهُ فَقَالَ: يَا رَبِّ هَذَا شَهِدْتُ عَلَى مَنْ يَأْتِي بَيْنَ ظَهْرَانَيْ فَكَيْفَ لِمَنْ لَمْ أَرَهُ، وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُبَارَكِ فِي الزُّهْدِ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ: لَيْسَ مِنْ يَوْمٍ إِلَّا يُعْرَضُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَدْوَةً وَعَشِيَّةً فَيَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَأَعْمَالِهِمْ فَلِذَلِكَ يَشْهَدُ عَلَيْهِمْ، فَفِي هَذَا الْمُرْسَلِ مَا يَرْفَعُ الْإِشْكَالَ الَّذِي تَضَمَّنَ حَدِيثَ مُحَمَّدِ بْنِ فَضَالَةَ انْتَهَى.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمَا قَضِيَّتَانِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْقَارِئَ فِي بَنِي ظَفَرٍ أَيْضًا هُوَ ابْنُ مَسْعُودٍ لِكَوْنِهِ مَوْجُودًا فِيهِمْ لَكِنَّهُ خِلَافَ الْمُتَبَادَرِ مِنَ التَّنْكِيرِ فِي قَوْلِهِ فَأَمَرَ قَارِئًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَقْرَأُ) أَيْ: وَأَقْرَأُ (عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ) أَيِ: الْقُرْآنُ مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ عَلَى لِسَانِ رَسُولٍ كَرِيمٍ (قَالَ: إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي) أَيْ: كَمَا أُحِبُّ أَنْ أُسْمِعَهُ غَيْرِي، قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَحَبَّ سَمَاعَ الْقُرْآنِ مِنْ غَيْرِهِ لِيَكُونَ عَرْضُ الْقُرْآنِ سُنَّةً، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِكَيْ يَتَدَبَّرَهُ، وَيَفْهَمَهُ وَذَلِكَ أَنَّ الْمُسْتَمِعَ أَقْوَى عَلَى التَّدَبُّرِ، وَأَنْشَطُ عَلَى التَّفَكُّرِ مِنَ الْقَارِئِ لِذَلِكَ لِاشْتِغَالِهِ بِالْقُرْآنِ (فَقَرَأْتُ سُورَةَ النِّسَاءِ حَتَّى بَلَغْتُ) أَيْ: أَنَا وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ أَيْ: عَلَى أُمَّتِكَ أَوْ هَؤُلَاءِ الْأَنْبِيَاءِ شَهِيدًا أَيْ: مُزَكِّيًا أَوْ مُثْنِيًا أَوْ شَاهِدًا وَحَاضِرًا (قَالَ) أَيِ: ابْنُ مَسْعُودٍ (فَرَأَيْتُ عَيْنَيِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَهْمِلَانِ) بِفَتْحِ التَّاءِ وَكَسْرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute