أَيْ بَائِعِ الزَّيْتِ أَوْ صَانِعِهِ، فَإِنَّ الْغَالِبَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُمَا مُدَّهِنًا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(بَابُ مَا جَاءَ فِي جِلْسَتِهِ)
بِالْإِضَافَةِ عَلَى مَا فِي الْأُصُولِ الْمُصَحَّحَةِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ جِلْسَةُ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) وَأَمَّا جَعْلُ الْحَنَفِيِّ وَالْعِصَامِ جِلْسَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْلًا، وَإِضَافَتُهُ نُسْخَةٌ مُخَالِفَةٌ لِلنُّسَخِ الْمُعْتَمَدَةِ، وَكَذَا اقْتِصَارُ ابْنِ حَجَرٍ عَلَى جِلْسَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ بِكَسْرِ الْجِيمِ، اسْمٌ لِلنَّوْعِ، قَالَ الْعِصَامُ: وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْجُلُوسِ وَالْقُعُودِ بِقَرِينَةِ مَا سَيَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ: وَهُوَ قَاعِدٌ الْقُرْفُصَاءَ، وَرُبَّمَا يُفَرِّقُ فَيَجْعَلُ الْقُعُودَ لِمَا هُوَ مِنَ الْقِيَامِ، وَالْجُلُوسَ لِمَا هُوَ مِنَ الِاضْطِجَاعِ عَلَى مَا فِي الْقَامُوسِ انْتَهَى. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْجِلْسَةِ الْمُعَنْوَنَةِ مُقَابَلَةُ الْقَوْمَةِ ; لِيَشْمَلَ الْبَابُ حَدِيثَ الِاسْتِلْقَاءِ أَيْضًا.
(حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ أَنْبَأَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَسَّانَ) بِتَشْدِيدِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ يَنْصَرِفُ وَلَا يَنْصَرِفُ (عَنْ جَدَّتَيْهِ) وَفِي نُسْخَةٍ بِالْإِفْرَادِ (عَنْ قَيْلَةَ بِنْتِ مَخْرَمَةَ أَنَّهَا رَأَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ وَهُوَ) أَيْ: وَالْحَالُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (قَاعِدٌ) بِالرَّفْعِ مُنَوَّنًا عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ (الْقُرْفُصَاءَ) بِضَمِّ قَافٍ وَسُكُونِ رَاءٍ وَضَمِّ فَاءٍ، فَصَادٍ مُهْمَلَةٍ
يُمَدُّ وَيُقْصَرُ، مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ، وَهِيَ جِلْسَةُ الْمُحْتَبِي، يُقَالُ: قَرْفَصَ الرَّجُلُ إِذَا شَدَّ يَدَيْهِ تَحْتَ رِجْلَيْهِ، وَالْمُرَادُ هُنَا أَنْ يَقْعُدَ عَلَى أَلْيَتَيْهِ، فَيُلْصِقَ فَخِذَيْهِ بِبَطْنِهِ، وَيَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى سَاقَيْهِ، كَمَا يَحْتَبِي بِالثَّوْبِ، وَقِيلَ: هُوَ أَنْ يَجْلِسَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ مُنْكَبًّا وَيُلْصِقَ بَطْنَهُ بِفَخِذَيْهِ، وَيَتَأَبَّطَ كَفَّيْهِ، وَهِيَ جِلْسَةُ الْأَعْرَابِ وَفِي الْقَامُوسِ الْقُرْفُصَاءُ مُثَلَّثَةُ الْقَافِ وَالْفَاءُ مَقْصُورَةٌ وَبِالضَّمِّ مَمْدُودَةٌ، وَبِضَمِّ الْفَاءِ وَالرَّاءِ عَلَى الْإِتْبَاعِ انْتَهَى. وَتَبِعَهُ ابْنُ حَجَرٍ لَكِنْ لَمْ يُعْرَفْ مِنْهُ الرِّوَايَةُ وَالنُّسْخَةُ (قَالَتْ) أَيْ قَيْلَةُ (فَلَمَّا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَيْ أَبْصَرْتُهُ (الْمُتَخَشِّعَ) مِنَ التَّخَشُّعِ، ظُهُورُ الْخُشُوعِ صِفَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ مَفْعُولٌ ثَانٍ لِرَأَيْتُ بِمَعْنَى عَلِمْتُ (فِي الْجِلْسَةِ) أَيْ فِي هَيْئَةِ جِلْسَتِهِ، وَكَيْفِيَّةِ قَعْدَتِهِ الْمُتَضَمِّنَةِ إِظْهَارَ عُبُودِيَّتِهِ، كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ: «أَجْلِسُ كَمَا يَجْلِسُ الْعَبْدُ، وَآكُلُ كَمَا يَأْكُلُ الْعَبْدُ» ، لَا عَلَى هَيْئَةِ جُلُوسِ الْجَبَّارِينَ الْمُتَكَبِّرِينَ مِنَ التَّرَبُّعِ، وَالتَّمَدُّدِ وَالِاتِّكَاءِ، وَرَفْعِ الرَّأْسِ شَمَّاخَةَ الْأَنْفِ، وَعَدَمِ الِالْتِفَاتِ إِلَى الْمَسَاكِينِ، وَالِاحْتِجَابِ عَنِ الْمُحْتَاجِينَ (أُرْعِدْتُ) عَلَى بِنَاءِ الْمَجْهُولِ أَيْ حَصَلَتْ لِي رِعْدَةٌ (مِنَ الْفَرَقِ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالرَّاءِ أَيِ الْخَوْفِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute