للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَرَأَيْتُهُ مُطْلَقَ الْقَمِيصِ. وَهَذَا يُؤَيِّدُ أَنْ يَكُونَ رِوَايَةُ الْأَزْرَارِ بِرَائَيْنِ، وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ لَهُ زِرٌّ وَعُرْوَةٌ، بَلِ الْمُرَادُ أَنَّ جَيْبَ قَمِيصِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مَفْتُوحًا بِحَيْثُ يُمْكِنُ أَنْ يُدْخِلَ فِيهِ الْيَدَ مِنْ غَيْرِ كُلْفَةٍ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْوَفَاءِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: مَا اتَّخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَمِيصًا لَهُ زِرٌّ، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ تَبَعًا لِلْعِصَامِ: فِيهِ حِلُّ لُبْسِ الْقَمِيصِ، وَحِلُّ الزِّرِّ فِيهِ، وَحِلُّ إِطْلَاقِهِ وَأَنَّ طَوْقَهُ كَانَ مَفْتُوحًا بِالطُّولِ ; لِأَنَّهُ الَّذِي يُتَّخَذُ لَهُ الْأَزْرَارُ عَادَةً، انْتَهَى. وَفِي الْأَخِيرِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْعَادَاتَ مُخْتَلِفَةٌ، وَفِي الْأَوَّلِ أَيْضًا بَحْثٌ لِأَنَّ مُقْتَضَى كَوْنِهِ أَحَبَّ أَنْ يُسْتَحَبَّ، وَحُكْمُ مَا بَيْنَهُمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (قَالَ) : أَيْ قُرَّةُ، وَفِي نُسْخَةٍ بِدُونِ «قَالَ» ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي الْمِشْكَاةِ. (فَأَدْخَلْتُ يَدِي) : بِصِيغَةِ الْإِفْرَادِ. (فِي جَيْبِ قَمِيصِهِ) : الْجَيْبُ، بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ، مَا يُقْطَعُ مِنَ الثَّوْبِ لِيَخْرُجَ الرَّأْسُ أَوِ الْيَدُ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، يُقَالُ: جَابَ الْقَمِيصَ يَجُوبُهُ وَيُجِيبُهُ أَيْ قَوَّرَ جَيْبَهُ وَجَيَّبَهُ، أَيْ جَعَلَ لَهُ جَيْبًا، وَأَصْلُ الْجَيْبِ الْقَطْعُ وَالْحَرْقُ، وَيُطْلَقُ الْجَيْبُ عَلَى مَا يُجْعَلُ فِي صَدْرِ الثَّوْبِ لِيُوضَعَ فِيهِ الشَّيْءُ، وَبِذَلِكَ فَسَّرَهُ أَبُو عُبَيْدٍ، لَكِنَّ الْمُرَادَ مِنَ الْجَيْبِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ طَوْقُهُ الَّذِي يُحِيطُ بِالْعُنُقِ، قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ: جَيَبَ الثَّوْبَ أَيْ جَعَلَ فِيهِ ثُقْبًا يَخْرُجُ مِنْهُ الرَّأْسُ. قَالَ الْعَسْقَلَانِيُّ: فَأَدْخَلْتُ يَدِي إِلَخْ يَقْتَضِي أَنَّ جَيْبَ قَمِيصِهِ كَانَ فِي صَدْرِهِ، وَالْمَاضِي فِي صَدْرِ الْحَدِيثِ أَنَّهُ رَآهُ مُطْلَقَ الْقَمِيصِ أَيْ غَيْرَ مَزْرُورٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (فَمَسِسْتُ) : بِكَسْرِ السِّينِ الْأُولَى عَلَى اللُّغَةِ الْفَصِيحَةِ، وَحَكَى أَبُو عُبَيْدَةَ الْفَتْحَ أَيْضًا كَمَا فِي نُسْخَةٍ، وَحُكِيَ كَخِلْتُ أَيْ لَمَسْتُ. (الْخَاتَمَ) : بِفَتْحِ التَّاءِ وَيُكْسَرُ، أَيْ خَاتَمَ النُّبُوَّةِ.

(حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ) : بِتَصْغِيرِ الثَّانِي، أَخْرَجَ حَدِيثَهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ. (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ) : فِي الشَّرْحِ: أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ السَّدُوسَيُّ الْمُلَقَّبُ بِعَارِمٍ ; لِأَنَّهُ الَّذِي أَخْرَجَ عَنْهُ التِّرْمِذِيُّ فِي الشَّمَائِلِ وَرَوَى عَنْهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، ثِقَةٌ، ثَبْتٌ، تَغَيَّرَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ. (أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ) : مَرَّ ذِكْرُهُ. (عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ) : بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ الْأُولَى،

وَفِي نُسْخَةٍ بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ. (عَنِ الْحَسَنِ) : أَيِ الْبَصْرِيِّ. (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ) : أَيْ مِنْ بَيْتِهِ. (وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ) : مِنَ الِاتِّكَاءِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: (مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ) ، وَفِي نُسْخَةٍ: وَهُوَ مُتَّكِئٌ. مِنَ التَّوَكُّؤِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا) ، وَكِلَاهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَهُوَ الِاعْتِمَادُ، وَأُسَامَةُ هَذَا صَحَابِيٌّ مَشْهُورٌ، مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَابْنُ مَوْلَاهُ وَابْنُ مَوْلَاتِهِ أُمِّ أَيْمَنَ، وَحِبُّهُ وَابْنُ حِبِّهِ، أَمَّرَهُ فِي جَيْشٍ فِيهِ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَسَيَأْتِي فِي بَابِ اتِّكَائِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ بِلَفْظِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ شَاكِيًا، فَخَرَجَ يَتَوَكَّأُ عَلَى أُسَامَةَ إِلَى آخِرِهِ. وَهَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِي شَكْوَاهُ الَّذِي

<<  <  ج: ص:  >  >>