الْمُضَافِ إِلَيْهِ نَفْسِهِ. (وَعَلَيْهِ مِرْطٌ) : بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ، وَهُوَ كِسَاءٌ طَوِيلٌ وَاسِعٌ مِنْ خَزٍّ أَوْ صُوفٍ أَوْ شَعْرٍ أَوْ كَتَّانٍ يُؤْتَزَرُ بِهِ، وَلِذَا بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ: (مِنْ شَعْرٍ) : وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ «مَرْطٌ» ، وَفِي نُسْخَةٍ بِالْفَتْحِ عَلَى أَنَّهُ مَجْرُورٌ لِكَوْنِهِ صِفَةُ شَعْرٍ، وَالْجُمْلَةُ حَالٌ مِنْ فَاعِلِ «خَرَجَ» ، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ اشْتَمَلَ اشْتِمَالَ الصَّمَّاءِ، خِلَافًا لَمَنْ وَهِمَ فِيهِ، انْتَهَى. لَكِنْ نَسَبَهُ مِيرَكُ إِلَى الْجَزَرِيِّ وَهُوَ إِمَامٌ فِي النَّقْلِ، وَقَدْ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَأْتَزِرُ بِهِ وَيُلْقِي بَعْضَهُ عَلَى الْكَتِفَيْنِ، وَلَيْسَ فِي كَلَامِهِ أَنَّ لِلْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَيْهِ بَلْ نَقْلٌ مُسْتَقِلٌّ وَصَلَ إِلَيْهِ، وَرَوَى الشَّيْخَانِ: كَانَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كِسَاءٌ مُلَبَّدٌ يَلْبَسُهُ، وَيَقُولُ: «إِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ أَلْبَسُ كَمَا يَلْبَسُ الْعَبْدُ» . قَالَ مِيرَكُ: اعْلَمْ أَنَّ مُسْلِمًا وَأَبَا دَاوُدَ أَخْرَجَا هَذَا الْحَدِيثَ بِلَفْظِ: خَرَجَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ غَدَاةٍ وَعَلَيْهِ مِرْطٌ مُرَجَّلٌ مِنْ شَعْرٍ أَسْوَدَ. وَاخْتُلِفَ فِي ضَبْطِ مُرَجَّلٍ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ بِالْجِيمِ الْمُشَدَّدَةِ. وَقِيلَ فِي مَعْنَاهُ وُجُوهٌ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قُيِّدَ بِهِ لِكَوْنِهِ لُبْسَ الرِّجَالِ، وَالثَّانِي أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ فِيهِ صُوَرَ الرِّجَالِ، وَلَا يَصِحُّ، وَالثَّالِثُ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: يَعْنِي عَلَيْهِ صُوَرُ الْمَرَاجِلِ أَيِ الْقُدُورِ، وَاحِدُهَا مِرْجَلٌ. وَضَبَطَهُ الْأَكْثَرُونَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ الْمُشَدَّدَةِ، قَالَ النَّوَوِيُّ: الصَّوَابُ أَنَّهُ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَهَكَذَا ضَبَطَهُ الْمُتْقِنُونَ، وَمَعْنَاهُ الْمُوَشَّى الْمَنْقُوشُ عَلَيْهِ صُوَرُ الرِّحَالِ، وَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنَّمَا الْمُحَرَّمُ صُوَرُ الْحَيَوَانِ. قَالَ فِي الْقَامُوسِ: الْوَشْيُ نَقْشُ الثَّوْبِ. وَكَذَا قَالَهُ الْبَيْضَاوِيُّ، وَقَالَ الْجَزَرِيُّ: الْمُرَادُ اخْتِلَافُ الْأَلْوَانِ الَّتِي كَانَتْ فِيهِ ; إِذِ الْأَرْحَلُ مِنَ الْخَيْلِ هُوَ الْأَبْيَضُ الظَّهْرِ وَمِنَ الْغَنَمِ الْأَسْوَدُ الظَّهْرِ فَكَأَنَّهُ كَانَ مُوَشًّى أَيْ مَنْقُوشًا، وَهَذَا أَقْرَبُ إِلَى مَا كَانَ يَلْبَسُهُ. أَقُولُ فَوَصْفُهَا بِالْأَسْوَدِ لِأَجْلِ أَنَّ السَّوَادَ فِيهِ أَغْلَبُ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَتِهِمَا مِنَ الزِّيَادَةِ، فَجَاءَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ فَأَدْخَلَهُ، ثُمَّ جَاءَ الْحُسَيْنُ فَدَخَلَ مَعَهُ، ثُمَّ جَاءَتْ فَاطِمَةُ فَأَدْخِلَهَا، ثُمَّ جَاءَ عَلِيٌّ فَأَدْخَلَهُ، ثُمَّ قَالَ: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) .
(حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عِيسَى، أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، وَاسْمُهُ) : عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّبِيعِيِّ، وَفِي نُسْخَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ، وَهِيَ غَيْرُ صَحِيحَةٍ. (عَنْ أَبِيهِ) : أَيْ أَبِي إِسْحَاقَ. (عَنِ الشَّعْبِيِّ) : بِفَتْحِ الشِّينِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ، وَاسْمُهُ عَامِرُ بْنُ شَرَاحِيلَ. (عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِيهِ) : أَيِ الْمُغِيرَةِ. (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَبِسَ جُبَّةً) : بِضَمِّ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ، قِيلَ: هِيَ ثَوْبَانِ بَيْنَهُمَا قُطْنٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ صُوفٍ فَقَدْ تَكُونُ وَاحِدَةٌ غَيْرُ مَحْشُوَّةٍ، وَقَدْ قِيلَ: جُبَّةُ الْبُرْدِ جُنَّةُ الْبُرْدِ. (رُومِيَّةً) : قَالَ مِيرَكُ: هَكَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ، وَلِأَبِي دَاوُدَ جُبَّةٌ مِنْ صُوفٍ مِنْ جِبَابِ الرُّومِ، لَكِنَ وَقَعَ فِي أَكْثَرِ رِوَايَاتِ الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا جُبَّةً شَامِيَّةً، قَالَ الْعَسْقَلَانِيُّ: بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ، وَيَجُوزُ تَخْفِيفُهَا، انْتَهَى. وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا ; لِأَنَّ الشَّامَ حِينَئِذٍ دَاخِلٌ تَحْتَ حُكْمِ قَيْصَرَ مَلِكِ الرُّومِ فَكَأَنَّهُمَا وَاحِدٌ مِنْ حَيْثُ الْمِلْكِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ نِسْبَةُ هَيْئَتِهَا الْمُعْتَادِ لُبْسِهَا إِلَى
إِحْدَاهُمَا وَنِسْبَةُ خِيَاطَتِهَا إِلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute