الْأَحْكَامِ.
(حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنِي) وَفِي نُسْخَةٍ قَالَ: حَدَّثَنِي (أَبِي عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: لَمَّا أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَيْ حِينَ رَجَعَ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ (أَنْ يَكْتُبَ) أَيِ الْمَكَاتِيبَ الَّتِي فِيهَا الدَّعْوَةُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَيُرْسِلَهَا (إِلَى الْعَجَمِ) أَيْ عُظَمَائِهِمْ وَمُلُوكِهِمْ، فَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ دَلَالَةٌ أَنَّ الْعَجَمَ هُمُ الرُّومُ لَكِنَّ حَدِيثَ أَنَسٍ فِيمَا بَعْدُ يُفَسِّرُهُ بِالْأَعَمِّ (قِيلَ لَهُ أَنَّ الْعَجَمَ) قِيلَ قَائِلُ ذَلِكَ مِنَ الْعَجَمِ.
وَقِيلَ: مِنْ قُرَيْشٍ وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي مُرْسَلِ طَاوُسٍ عِنْدَ ابْنِ سَعْدٍ أَنَّ قُرَيْشًا هُمُ الَّذِينَ قَالُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَكِنْ لَا مَنْعَ مِنَ الْجَمْعِ (لَا يَقْبَلُونَ) أَيْ لَا يَعْتَمِدُونَ (إِلَّا كِتَابًا عَلَيْهِ خَاتَمٌ) بِالْفَتْحِ وَيُكْسَرُ أَيْ وُضِعَ عَلَيْهِ خَاتَمٌ، وَقِيلَ: فِيهِ حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ عَلَيْهِ نَقْشُ خَاتَمٍ، وَسَبَبُ عَدَمِ اعْتِمَادِهِمْ لَهُ عَدَمُ الثِّقَةِ بِمَا فِيهِ، أَوْ أَنَّهُ تَرَكَ مِنْهُ شِعَارَ تَعْظِيمِهِمْ، وَهُوَ الْخَتْمُ أَوِ الْإِشْعَارُ بِأَنَّ مَا يُعْرَضُ عَلَيْهِمْ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَطَّلِعَ عَلَيْهِ غَيْرُهُمْ، كَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْخَتْمَ الَّذِي شِعَارُهُمْ وَيَكُونُ سَبَبًا لِعَدَمِ اطِّلَاعِ غَيْرِهِمْ، هُوَ خَتْمُ الْوَرِقِ، وَهُوَ لَا يُلَايِمُ اصْطِنَاعَ الْخَاتَمِ اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ هُوَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا (فَاصْطَنَعَ خَاتَمًا) أَيْ أَمَرَ أَنْ يُصْنَعَ لَهُ، قَالَ مِيرَكُ: وَرُوِيَ (اضْطَرَبَ) أَيْ سَأَلَ أَنْ يُصْنَعَ أَوْ يُضْرَبَ، كَمَا يُقَالُ: اكْتَتَبَ إِذَا سَأَلَ أَنْ يُكْتَبَ كَذَا فِي الْفَائِقِ (كَأَنِّي) وَفِي نُسْخَةٍ فَكَأَنِّي (أَنْظُرْ إِلَى بَيَاضِهِ) أَيْ بَيَاضِ الْخَاتَمِ ; لِأَنَّهُ كَانَ مِنْ فِضَّةٍ، وَقِيلَ: أَرَادَ بِهِ كَمَالَ إِتْقَانِهِ لِهَذَا الْخَبَرِ فَكَأَنَّهُ يُخْبِرُ عَنْ مُشَاهَدَتِهِ (فِي كَفِّهِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ
مِنْ بَاطِنِ إِصْبَعِهِ، وَفِي الْقَامُوسِ الْكَفُّ الْيَدُ أَوْ إِلَى الْكُوعِ.
(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى أَخْبَرَنَا) وَفِي نُسْخَةٍ أَنْبَأَنَا (مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ) أَيِ ابْنُ الْمُثَنَّى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيُّ، أَخْرَجَ حَدِيثَهُ السِّتَّةُ، وَالْمُسَمَّى بِهَذَا الِاسْمِ ثَلَاثَةٌ أَكْثَرُهُمْ هَذَا وَثَانِيهِمُ اسْمُ جَدِّهِ حَفْصٍ، وَثَالِثُهُمُ اسْمُ جَدِّهِ زِيَادٍ (قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي) يَعْنِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْمُثَنَّى، صَدُوقٌ كَثِيرُ الْغَلَطِ أَخْرَجَ حَدِيثَهُ الْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ (عَنْ ثُمَامَةَ) بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيُّ أَخْرَجَ حَدِيثَهُ السِّتَّةُ (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ نَقْشُ خَاتَمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) لَعَلَّ خَبَرَ كَانَ مَحْذُوفٌ، وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ الْبُخَارِيِّ كَانَ نَقْشُ الْخَاتَمِ ثَلَاثَةَ أَسْطُرٍ (مُحَمَّدٌ سَطْرٌ) مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ (وَرَسُولُ) بِالرَّفْعِ بِلَا تَنْوِينٍ عَلَى الْحِكَايَةِ، وَجَوَّزَ التَّنْوِينَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute