أَيْ صِفَةِ لُبْسِ دِرْعِهِ بِحَذْفِ مُضَافٍ لِيُوَافِقَ حَدِيثَيِ الْبَابِ كَذَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ وَهُوَ
حَسَنٌ وَذُهِلَ ابْنُ حَجَرٍ عَنْ فَهْمِهِ، فَقَالَ: وَهُوَ غَفْلَةٌ عَمَّا يَأْتِي فِيهِمَا، عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي أَوَّلِهَا صِفَةُ اللُّبْسِ مُطْلَقًا انْتَهَى. وَهُوَ خَطَأٌ ; لِأَنَّ فِي قَوْلِهِ: كَانَ عَلَيْهِ دِرْعَانِ، صِفَةُ لُبْسِهِ، وَهُوَ لُبْسُ الِاثْنَيْنِ مِنْهُ، وَالدِّرْعُ بِكَسْرِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ ثَوْبُ الْحَرْبِ مِنْ حَدِيدٍ، مُؤَنَّثٌ وَقَدْ تُذَكَّرُ، قَالَ مِيرَكُ: وَكَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعَةُ أَدْرُعٍ، ذَاتُ الْفُضُولِ سُمِّيَتْ لِطُولِهَا أَرْسَلَهَا إِلَيْهِ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ حِينَ سَارَ إِلَى بَدْرٍ، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَهِيَ الَّتِي رَهَنَهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذَاتُ الْوِشَاحِ، وَذَاتُ الْحَوَاشِي، وَالسِّغْدِيَّةُ، وَالْفِضَّةُ، أَصَابَهُمَا مِنْ بَنِي قَيْنُقَاعَ، وَيُقَالُ السِّغْدِيَّةُ كَانَتْ دِرْعَ دَاوُدَ الَّتِي لَبِسَهَا لِقِتَالِ جَالُوتَ، وَالْبَتْرَاءُ وَالْخِرْنَقُ، وَأَخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ مِنْ طَرِيقِ إِسْرَائِيلَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عَامِرٍ، قَالَ: أَخْرَجَ إِلَيْنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ دِرْعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا هِيَ يَمَانِيَّةٌ رَقِيقَةٌ ذَاتُ زَرَافِينَ، إِذَا عُلِّقَتْ بِزَرَافَتِهَا لَمْ تَمَسَّ الْأَرْضَ، فَإِذَا أُرْسِلَتْ مَسَّتِ الْأَرْضَ، وَمِنْ طَرِيقِ حَاتِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ وَسُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ كِلَاهُمَا عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ دِرْعُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهَا حَلْقَتَانِ مِنْ فِضَّةٍ عِنْدَ مَوْضِعِ الثَّدْيِ، أَوْ قَالَ: عِنْدَ مَوْضِعِ الصَّدْرِ، وَحَلْقَتَانِ خَلْفَ ظَهْرِهِ، قَالَ: فَلَبِسَهَا فَخَطَّتِ الْأَرْضَ.
(حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ الْأَشَجُّ) بِتَشْدِيدِ الْجِيمِ أَخْرَجَ حَدِيثَهُ السِّتَّةُ (أَنْبَأَنَا) وَفِي نُسْخَةٍ أَخْبَرَنَا (يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ، وَفَتْحِ الْكَافِ، وَسُكُونِ الْيَاءِ، أَخْرَجَ حَدِيثَهُ الْجَمَاعَةُ إِلَّا النَّسَائِيُّ (وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادِ) بِتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ (بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ) أَخْرَجَ حَدِيثَهَ الْأَرْبَعَةُ (عَنْ أَبِيهِ) أَيْ عَبَّادٍ أَخْرَجَ حَدِيثَهُ السِّتَّةُ (عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ) أَحَدُ الْعَبَادِلَةِ الْأَرْبَعَةِ وَهُوَ مِنْ كِبَارِ مُتَأَخِّرِي الصَّحَابَةِ، عَالِمٌ زَاهِدٌ عَابِدٌ اسْتُخْلِفَ بَعْدَ مُعَاوِيَةَ، وَتَابَعَهُ مَمَالِكُ الْإِسْلَامِ سِوَى الشَّامِ، صَلَبَهُ الْحَجَّاجُ (عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ) بِتَشْدِيدِ الْوَاوِ أَحَدُ الْعَشَرَةِ الْمُبَشَّرَةِ الْمَشْهُودِ لَهُ بِالْجَنَّةِ، وَهَاجَرَ إِلَى الْحَبَشَةِ ثُمَّ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ سَلَّ السَّيْفَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، قَالَ مِيرَكُ عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ: هَكَذَا وَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الشَّمَائِلِ، وَكَذَا وَقَعَ فِي أَصْلِ سَمَاعِنَا مُلْحَقًا بِصَحَّ، وَحُذِفَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ ذِكْرُ الزُّبَيْرِ وَاقْتُصِرَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَهُوَ خَطَأٌ، وَالصَّوَابُ إِثْبَاتُ الزُّبَيْرِ فِي الْإِسْنَادِ ; لِأَنَّهُ هَكَذَا أَخْرَجَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي جَامِعِهِ، وَبِذِكْرِهِ يَكُونُ الْحَدِيثُ مُسْنَدًا مُتَّصِلًا، وَبِحَذْفِهِ يَكُونُ الْحَدِيثُ مُرْسَلًا فَإِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ لَمْ يَحْضُرْ وَاقِعَةَ أُحُدٍ، كَمَا سَيَأْتِي وَبِذِكْرِ الزُّبَيْرِ يَصِحُّ قَوْلُهُ فِي أَثْنَاءِ الْحَدِيثِ قَالَ: فَسَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: أَوْجَبَ طَلْحَةُ بِالْفَاءِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى التَّعْقِيبِ، بِلَا تَرَاخٍ عَنِ اسْتِوَائِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الصَّخْرَةِ وَسَمَاعِ هَذَا الْكَلَامِ مِنْهُ، وَقَالَ الْعَسْقَلَانِيُّ:
وَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ أَنَّ طَلْحَةَ جَلَسَ تَحْتَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى صَعِدَ الْجَبَلَ قَالَ: فَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: أَوْجَبَ طَلْحَةُ، وَعَلَى مَا وَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ حَذْفِ الزُّبَيْرِ، يَكُونُ هَذَا الْكَلَامُ كَذِبًا مَحْضًا ; لِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ لَمْ يَحْضُرْ هَذِهِ الْوَاقِعَةَ، فَإِنَّ مَوْلِدَهُ فِي السَّنَةِ الْأُولَى مِنَ الْهِجْرَةِ، وَيُقَالُ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ، وَهُوَ الْأَرْجَحُ، وَوَاقِعَةُ أُحُدٍ كَانَتْ فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ مِنَ الْهِجْرَةِ انْتَهَى كَلَامُهُ. وَيُحْمَلُ أَنْ يَكُونَ وَجْهُ الْحَذْفِ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ أَبِيهِ، وَحَذَفَهُ فِي الْإِسْنَادِ فَيَصِيرُ الْحَدِيثُ مِنْ قَبِيلِ مَرَاسِيلِ الصَّحَابَةِ، وَهُوَ حُجَّةٌ عِنْدَ الْكُلِّ، وَلَا يَلْزَمُ مِنَ الْعَمَلِ الْمَذْكُورِ الْكَذِبُ الْمَحْظُورُ، وَلَا التَّدْلِيسُ الْمَحْذُورُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَيُؤَيِّدُهُ الْحَدِيثُ الْآتِي عَلَى مَا سَيَأْتِي (قَالَ) أَيِ الزُّبَيْرُ أَوِ ابْنُهُ نَقْلًا عَنْهُ (كَانَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute