(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الرَّمْلِيُّ) نِسْبَةً إِلَى الرَّمْلَةِ وَهِيَ مَوَاضِعُ أَشْهَرُهَا بَلَدٌ بِالشَّامِ، كَمَا فِي الْقَامُوسِ (حَدَّثَنَا) وَفِي نُسْخَةٍ أَنْبَأَنَا (عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ الصَّلْتِ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ (عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ) بِضَمِّ الرَّاءِ (عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكَلَ الْبِطِّيخَ بِالرُّطَبِ) أَرَادَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ لَهُ طُرُقًا كَثِيرَةً عَنْ عَائِشَةَ، وَكَذَا عَنْ غَيْرِهَا، فَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، وَكَذَا أَبُو دَاوُدَ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَائِشَةَ، هَذَا وَرَوَى الْحَاكِمُ عَنْ أَنَسٍ، كَانَ يَأْكُلُ الرُّطَبَ وَيُلْقِي النَّوَى عَلَى الطَّبَقِ، وَلَعَلَّ الطَّبَقَ غَيْرُ طَبَقِ الرُّطَبِ، وَإِلَّا فَقَدْ رَوَى الشِّيرَازِيُّ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نَهَى أَنْ تُلْقَى النَّوَاةُ عَلَى الطَّبَقِ الَّذِي يُؤْكَلُ مِنْهُ الرُّطَبُ أَوِ التَّمْرُ، عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ حَمْلُ فِعْلِهِ عَلَى بَيَانِ الْجَوَازِ أَوِ الِاخْتِصَاصِ، فَإِنَّهُ لَا يُسْتَقْذَرُ مِنْهُ شَيْءٌ بِخِلَافِ غَيْرِهِ، وَأَمَّا حَدِيثُ: «الْعِنَبُ دُو دُو - يَعْنِي اثْنَتَيْنِ اثْنَتَيْنِ - وَالتَّمْرُ يَكْ يَكْ» يَعْنِي وَاحِدَةً وَاحِدَةً، فَهُوَ مَشْهُورٌ بَيْنَ الْأَعَاجِمِ لَا أَصْلَ لَهُ، ذَكَرَهُ شَيْخُ مَشَايِخِنَا السَّخَاوِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ، وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْكُلُ الْعِنَبَ خَرْطًا، يُقَالُ: خَرَطَ الْعُنْقُودَ وَاخْتَرَطَهُ إِذَا وَضَعَهُ فِي فِيهِ، ثُمَّ يَأْخُذُ حَبَّهُ وَيُخْرِجُ عُرْجُونَهُ عَارِيًا مِنْهُ كَذَا فِي النِّهَايَةِ.
وَالْحَدِيثُ ذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَكِتَابُهُ هَذَا خَالٍ عَنِ الْمَوْضُوعِ، فَلَا يُعَارِضُهُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ مِنْ قَوْلِهِ: وَفِي الْغَيْلَانِيَّاتِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْكُلُ الْعِنَبَ خَرْطًا، وَفِي رِوَايَةٍ بِالصَّادِ بَدَلَ الطَّاءِ، لَكِنْ قَالَ الْعَقِيلِيُّ: لَا أَصْلَ لِهَذَا الْحَدِيثِ، انْتَهَى.
مَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنْ يُقَالَ لَا أَصْلَ لِسَنَدِهِ الَّذِي هُوَ فِي الْغَيْلَانِيَّاتِ، وَأَمَّا حَدِيثُ النَّهْيِ عَنِ الْجَمْعِ بَيْنَ التَّمْرَتَيْنِ فَهُوَ صَحِيحٌ، وَذَكَرْنَاهُ مَشْرُوحًا فِي كِتَابِ الْمِشْكَاةِ، ثُمَّ أَغْرَبَ ابْنُ حَجَرٍ حَيْثُ ذَكَرَ فِي هَذَا الْبَابِ الْمَوْضُوعِ لِلْفَاكِهَةِ، أَنَّهُ رَوَى أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ عَنْ عَائِشَةَ: «آخِرُ طَعَامٍ أَكَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ بَصَلٌ» انْتَهَى.
وَقَدْ شَرَحْنَاهُ فِي شَرْحِ كِتَابِ الْمِشْكَاةِ فِي بَابِهِ الْمُنَاسِبِ لَهُ.
(حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ ح) إِشَارَةٌ إِلَى تَحْوِيلِ السَّنَدِ، وَقَدْ أَكَّدَهُ بِالْوَاوِ الْعَاطِفَةِ، حَيْثُ قَالَ: (وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا مَعْنٌ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ (حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كَانَ النَّاسُ) وَهُوَ أَعَمُّ مِنَ الصَّحَابَةِ، كَمَا لَا يَخْفَى (إِذَا رَأَوْا أَوَّلَ الثَّمَرِ) أَيْ بَاكُورَةَ كُلِّ فَاكِهَةٍ (جَاءُوا بِهِ) أَيْ بِأَوَّلِ الثَّمَرِ وَالْبَاءُ لِلتَّعْدِيَةِ (إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) إِيثَارًا لَهُ بِذَلِكَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ، حُبًّا لَهُ وَتَعْظِيمًا لِجَنَابِهِ، وَطَلَبًا لِلْبَرَكَةِ، فِيمَا جَدَّدَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ نِعَمِهِ بِبَرَكَةِ وَجُودِهِ، وَطَلَبًا لِمَزِيدِ اسْتِدْرَارِ إِحْسَانِهِ وَكَرَمِهِ وَجُودِهِ، وَيَرَوْنَهُ أَوْلَى النَّاسِ بِمَا سِيقَ إِلَيْهِمْ مِنْ رِزْقِ رَبِّهِمْ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ خُلَفَاؤُهُ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ وَالْعُلَمَاءِ كَذَلِكَ، (فَإِذَا أَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ) أَيْ مُسْتَقْبِلًا لِلنِّعْمَةِ الْمُجَدَّدَةِ بِالتَّضَرُّعِ وَالْمَسْأَلَةِ، وَالتَّوَجُّهِ وَالْإِقْبَالِ التَّامِّ إِلَى الْمُنْعِمِ الْحَقِيقِيِّ، طَلَبًا لِمَزِيدِ الْإِنْعَامِ عَلَى وَجْهٍ يَعُمُّ الْخَاصَّ وَالْعَامَّ، (اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي ثِمَارِنَا، وَبَارِكْ لَنَا فِي مَدِينَتِنَا) أَيْ عُمُومًا شَامِلًا لِأَهْلِهَا وَثِمَارِهَا، وَسَائِرِ مَنَافِعِهَا (وَبَارِكْ لَنَا فِي صَاعِنَا) أَيْ خُصُوصًا وَكَذَا قَوْلُهُ: (وَفِي مُدِّنَا) وَالْمُرَادُ بِهِ الطَّعَامُ الَّذِي يُكَالُ بِالصِّيعَانِ وَالْأَمْدَادِ، فَيَكُونُ لَهُمْ بِالْبَرَكَةِ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute