للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَاجِعٌ إِلَى أَبِيهِ شُعَيْبٍ، وَهُوَ يَرْوِي عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ الصَّحَابِيِّ الْمَشْهُورِ، وَمُحَمَّدٌ لَيْسَ بِصَحَابِيٍّ، وَلَمْ يَرْوِ شُعَيْبٌ عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدٍ، كَمَا تَقَرَّرَ عِنْدَ النُّقَّادِ كَثِيرًا مَا وَقَعَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ وَغَيْرِهِمَا، بِلَفْظِ: عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، فَحَدِيثُهُ مُتَّصِلٌ لَا مَطْعَنَ فِيهِ، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: أَرَادَ جَدَّهُ بِوَاسِطَةٍ أَوْ جَدَّ أَبِيهِ، وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ الصَّحَابِيُّ الْجَلِيلُ الْأَفْضَلُ مِنْ أَبِيهِ، وَالْأَكْثَرُ مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ تَلَقِّيًا وَأَخْذًا لِلْعِلْمِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحِينَئِذٍ فَحَدِيثُهُ مَوْصُولٌ وَرِوَايَتُهُ مُحْتَجٌّ بِهَا، وَلِهَذَا احْتَجَّ بِهَذَا السَّنَدِ أَكْثَرُ الْحُفَّاظِ لَا سِيَّمَا الْبُخَارِيِّ، خَرَّجَ لَهُ فِي الْقَدَرِ، وَنُقِلَ عَنْ أَحْمَدَ وَعَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ وَإِسْحَاقَ أَنَّهُمُ احْتَجُّوا بِهِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ لِقَرَائِنَ أَثْبَتَتْ عِنْدَهُمْ سَمَاعَهُ مِنْ جَدِّ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ، وَكَأَنَّهُ خَالَفَ الْآخَرُونَ نَظَرًا لِاحْتِمَالِهِ الِانْقِطَاعَ، وَيَرُدُّهُ مَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِهَذَا الِاحْتِمَالِ مَعَ كَوْنِ الْأَكْثَرِينَ عَلَى خِلَافِهِ، وَزَعْمُ أَنَّهُ أَخَذَ هَذَا الْإِسْنَادَ مِنْ صَحِيفَةٍ لَا اعْتِدَادَ بِهَا لَمْ يَثْبُتْ هُوَ وَلَا مَا يُشِيرُ إِلَيْهِ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ إِذَا عَرَضَ الْمُتَأَخِّرُونَ كَالْمُتَقَدِّمِينَ عَنْ ذَلِكَ وَاحْتَجُّوا بِهِ، (قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَيْ أَبْصَرْتُهُ (يَشْرَبُ قَائِمًا) أَيْ نَادِرًا لِبَيَانِ الْجَوَازِ، وَحَمْلُ النَّهْيِ عَنْهُ عَلَى التَّنْزِيهِ، أَوْ لِضَرُورَةٍ أَوْ لِخُصُوصِيَّةٍ، (وَقَاعِدًا) أَيْ مِرَارًا كَثِيرَةً لِبَيَانِ الْأَفْضَلِ وَالْوَجْهِ الْأَكْمَلِ وَعَادَتِهِ الْأَجْمَلِ، وَهُمَا حَالَانِ مُتَرَادِفَانِ، وَقَالَ الْحَنَفِيُّ: أَيْ حَالَ كَوْنِهِ شَارِبًا فِي كِلْتَا الْحَالَتَيْنِ

حَالَةَ الْقِيَامِ، وَحَالَةَ الْقُعُودِ، انْتَهَى. وَفِيهِ - لَا يَخْفَى، وَأَمَّا مَا قِيلَ مِنْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنَزَّهٌ عَنْ فِعْلِ الْمَكْرُوهِ، فَكَيْفَ شَرِبَ قَائِمًا فَمَرْدُودٌ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ لِبَيَانِ الْجَوَازِ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ، فَكَيْفَ يَكُونُ مَكْرُوهًا.

(حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ) بِضَمِّ مُهْمَلَةٍ وَسُكُونِ جِيمٍ، (حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ) أَيِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَلَفْظُ قَالَ مَوْجُودٌ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ (سَقَيْتُ النَّبِيَّ) وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ زَمْزَمَ، فَشَرِبَ وَهُوَ قَائِمٌ) وَقَدْ تَقَدَّمَ فَالْمُرَادُ بِتَعَدُّدِ الْإِسْنَادِ قُوَّةُ الِاعْتِمَادِ، وَفِي سِيَاقِ هَذَا الْحَدِيثِ إِشَارَةٌ إِلَى تَعَدُّدِ شُرْبِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ إِحْدَاهُمَا، كَانَ عَلَى يَدِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ) بِالتَّصْغِيرِ (مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ (وَمُحَمَّدُ بْنُ طَرِيفٍ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ (الْكُوفِيُّ قَالَا) أَيِ الْمُحَمَّدَانِ (أَنْبَأَنَا ابْنُ الْفُضَيْلِ) بِالتَّصْغِيرِ وَفِي نُسْخَةٍ بِالتَّكْبِيرِ (عَنِ الِأَعْمَشِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ) بِفَتْحِ مِيمٍ فَسُكُونِ مُوَحَّدَةٍ تَحْتِيَّةٍ فَفَتَحَاتٍ، (عَنِ النَّزَّالِ) بِفَتْحِ نُونٍ وَتَشْدِيدِ زَايٍ، (بْنِ سَبْرَةَ) بِفَتْحِ سِينٍ مُهْمَلَةٍ فَسُكُونِ مُوَحَّدَةٍ، فَرَاءٍ فَتَاءِ تَأْنِيثٍ، (قَالَ: أُتِيَ عَلِيٌّ) أَيْ جِيءَ (بِكُوزٍ مِنْ مَاءٍ وَهُوَ فِي الرَّحَبَةِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَيُسَكَّنُ، وَفِي الصِّحَاحِ الرَّحَبَةُ بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ الْمَكَانُ الْمُتَّسِعُ، وَالرَّحْبَةُ بِالسُّكُونِ أَيْضًا الْمَكَانُ الْمُتَّسِعُ وَمِنْهُ أَرْضٌ رَحْبَةٌ بِالسُّكُونِ أَيْ مُتَّسِعَةٌ، وَرَحَبَةُ الْمَسْجِدِ بِالتَّحْرِيكِ هِيَ سَاحَتُهُ، قَالَ ابْنُ التِّينِ: فَعَلَى هَذَا يُقْرَأُ فِي الْحَدِيثِ بِالسكونِ، ويُحتَمَل أنَّها

<<  <  ج: ص:  >  >>