للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَضَمٍّ (بْنِ سُوَيْدٍ) بِالتَّصْغِيرِ (عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنِّي لَأَعْلَمُ) أَيْ: بِالْوَحْيِ أَوْ بِالْإِلْهَامِ أَوْ بِغَيْرِهِمَا، وَالْمَعْنَى أَعْرِفُ (أَوَّلَ رَجُلٍ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ الْمُصَحَّحَةِ الْمَكْتُوبِ عَلَيْهِ صَوَابُهُ آخِرَ رَجُلٍ (يَدْخُلُ الْجَنَّةَ، وَآخِرَ رَجُلٍ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ) أَيْ: مِنْ عُصَاةِ الْمُؤْمِنِينَ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى التَّعَدُّدِ بِنَاءً عَلَى نُسْخَةِ الْأَوَّلِ، وَأَمَّا عَلَى نُسْخَةِ الْآخِرِ، فَيَتَعَيَّنُ الِاتِّحَادُ، فَتَأَمَّلْ لِيَتَبَيَّنَ لَكَ الْمُرَادُ، وَالْأَوَّلُ أَيْضًا يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِالْمُذْنِبِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الْوَاقِفِينَ فِي الْحِسَابِ قَالَ شَارِحٌ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَآخِرَ رَجُلٍ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ بَعْدَ قَوْلِهِ أَوَّلَ رَجُلٍ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ، وَحَاصِلُهُ أَوَّلَ رَجُلٍ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِمَّنْ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ لِأَنَّ أَوَّلَ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى الْإِطْلَاقِ إِنَّمَا هُوَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ (يُؤْتَى بِالرَّجُلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بَيَانًا لِلرَّجُلِ الْأَوَّلِ ; فَيَجِبُ أَنْ يُخَصَّ بِالْأَوَّلِ مِنَ الْمُذْنِبِينَ ; لِأَنَّ أَوَّلَ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى الْإِطْلَاقِ إِنَّمَا هُوَ

النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بَيَانًا لِلرَّجُلِ الثَّانِي، وَهُوَ آخِرُ رَجُلٍ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ أَوْ آخِرُ رَجُلٍ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ لَكِنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ آخِرَ رَجُلٍ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ هُوَ الَّذِي ذُكِرَ حَالُهُ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ الْآتِي بَعْدَ هَذَا ; فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ هُوَ اسْتِئْنَافُ بَيَانٍ لِحَالِ رَجُلٍ ثَالِثٍ غَيْرِ الْأَوَّلِ، وَالْآخِرُ عَلَى أَنَّ فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ هُنَا وَهْمًا، وَالصَّوَابُ إِنِّي لَأَعْلَمُ آخِرَ رَجُلٍ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَخْ ; فَإِنَّهُ هَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ، وَيُؤْتَى إِلَخْ. عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَيْضًا بَيَانٌ لِحَالِ رَجُلٍ ثَالِثٍ كَمَا تَقَدَّمَ أَوْ بَيَانٌ لِآخِرِ رَجُلٍ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَدْخُلَ النَّارَ تَأَمَّلْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ (فَيُقَالُ) أَيْ: فَيَقُولُ اللَّهُ لِلْمَلَائِكَةِ (اعْرِضُوا) بِهَمْزَةِ وَصْلٍ، وَكَسْرِ رَاءٍ أَمْرٌ مِنَ الْعَرْضِ (عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الرَّجُلِ (صِغَارَ ذُنُوبِهِ) بِكَسْرِ الصَّادِ صَغَائِرَ ذُنُوبِهِ (وَيُخَبَّأُ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ مِنَ الْخَبْءِ بِالْهَمْزَةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ، وَأَغْرَبَ ابْنُ حَجَرٍ فِي إِعْرَابِهِ حَيْثُ قَالَ عَطَفَ جُمْلَتَهُ عَلَى جُمْلَةِ اعْرِضُوا ; فَلَا يُقَالُ لِلْمَلَائِكَةِ اعْرِضُوا، وَاخْبِئُوا عَنْهُ ذَلِكَ انْتَهَى. فَتَأَمَّلْ يَظْهَرْ لَكَ الْخَلَلُ، وَالْمَعْنَى يَخْفَى (عَنْهُ) أَيْ: عَنِ الرَّجُلِ (كِبَارُهَا) أَيْ: كَبَائِرُ ذُنُوبِهِ أَيْ لِلْحِكْمَةِ الْآتِيَةِ (فَيُقَالُ لَهُ عَمِلْتَ) أَيْ: مِنَ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ (يَوْمَ كَذَا) أَيْ: فِي الْوَقْتِ الْفُلَانِيِّ مِنَ السَّنَةِ، وَالشَّهْرِ وَالْأُسْبُوعِ وَالْيَوْمِ، وَالسَّاعَةِ (كَذَا) أَيْ: مِنَ الذَّنْبِ (وَكَذَا) أَيْ: مِنَ الذَّنْبِ الْآخَرِ (وَهُوَ مُقِرٌّ لَا يُنْكِرُ) أَيْ: فَيَتَذَكَّرُ ذَلِكَ، وَيُصَدِّقُهُ هُنَالِكَ (وَهُوَ مُشْفِقٌ) مِنَ الْإِشْفَاقِ، وَالْجُمْلَةُ حَالٌ أَيْ: وَالْحَالُ أَنَّهُ خَائِفٌ (مِنْ كِبَارِهَا) أَيْ: مِنْ إِظْهَارِهَا، وَاعْتِبَارِهَا ; فَإِنَّ مَنْ يُؤْخَذُ بِالصَّغِيرَةِ ; فَبِالْأَوْلَى أَنْ يُعَاقَبَ بِالْكَبِيرَةِ (فَيُقَالُ أَعْطُوهُ مَكَانَ كُلِّ سَيِّئَةٍ عَمِلَهَا حَسَنَةً) إِمَّا لِتَوْبَةٍ أَوْ لِكَثْرَةِ طَاعَتِهِ أَوْ لِكَوْنِهِ مَظْلُومًا فِي حَيَاتِهِ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ (فَيَقُولُ) أَيْ: طَمَعًا لِلْحَسَنَاتِ (إِنَّ لِي ذُنُوبًا مَا أَرَاهَا هَاهُنَا) أَيْ: فِي مَوْضُوعِ الْعَرْضِ أَوْ فِي صَحِيفَةِ الْأَعْمَالِ (قَالَ أَبُو ذَرٍّ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضَحِكَ ثُمَّ بَدَتْ) أَيْ: ظَهَرَتْ (نَوَاجِذُهُ) فِي النِّهَايَةِ النَّوَاجِذُ مِنَ الْأَسْنَانِ الضَّوَاحِكُ وهي

<<  <  ج: ص:  >  >>