وَهُوَ السَّهْمُ، وَ «فِي» لِلتَّعْدِيَةِ، وَفِي الْقَامُوسِ: تَمَغَّطَ فِي قَوْسِهِ وَمَغَّطَهُ أَغْرَقَ فِيهِ، وَالتَّمَغُّطُ فِي النُّشَّابَةِ مَجَازٌ عَنِ التَّمَغُّطِ فِي الْقَوْسِ ; لِأَنَّ النُّشَّابَةَ سَبَبُ التَّمَغُّطِ فِي الْقَوْسِ، وَقِيلَ إِضَافَةُ الْمَدِّ إِلَى النُّشَّابَةِ بِطَرِيقِ الْمَجَازِ لِأَنَّ الْمَمْدُودَ حَقِيقَةً وَتَرُ الْقَوْسِ، قَالَ الْعِصَامُ: وَهَذَا مِنْ قَبِيلِ تَوْضِيحِ اللُّغَةِ بِتَوْضِيحِ نَظِيرِهِ، وَبَيَانِ أَنَّ الْكَلِمَةَ لَا تَخْرُجُ عَنِ الْمَدِّ وَالِامْتِدَادِ، وَمِثْلُهُ غَيْرُ عَزِيزٍ فِي كُتُبِ اللُّغَةِ. فَقَوْلُهُ: (أَيْ مَدَّهَا مَدًّا شَدِيدًا) : إِشَارَةٌ إِلَى لُزُومِ الْمَدِّ وَالِامْتِدَادِ لِلْكَلِمَةِ، وَبِهَذَا انْدَفَعَ مَا اسْتَصْعَبَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ لَفْظُ التَّمَغُّطِ فَلَا وَجْهَ
لِلتَّعَرُّضِ لَهُ وَمِنْ أَنَّهُ كَيْفَ فَسَّرَ التَّمَغُّطَ بِالْمُتَعَدِّي فَاعْتَذَرَ بِأَنَّ «فِي» مَزِيدَةٌ لِتَقْوِيَةِ الْعَمَلِ وَلَا رِيبَةَ لِلْمُتَدَرِّبِ فِي كَثْرَةِ زِيَادَةِ حُرُوفِ الْجَرِّ لِلتَّقَوِّي، وَلَا يَخْفَى مَا فِي اعْتِذَارِهِ فَإِنَّ الْمَسْمُوعَ زِيَادَةُ اللَّامِ لِلتَّقْوِيَةِ، لَكِنْ لَا لِتَقْوِيَةِ الْفِعْلِ الْمُتَقَدِّمِ بَلْ لِتَقْوِيَةِ الِاسْمِ وَالْفِعْلِ الْمُتَأَخِّرِ، وَالتَّمَغُّطُ لَازِمٌ، وَمَا اسْتَصْعَبَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجِيءُ سِوَى الْبَاءِ لِلتَّعْدِيَةِ فَكَيْفَ جَعَلَ تَمَغَّطَ مُتَعَدِّيًا بِفِي، انْتَهَى. وَقِيلَ: تَفْسِيرُهُ هَذَا يُقَوِّي أَنَّ مَقُولَ الْأَعْرَابِيِّ هُوَ النُّشَّابَةُ بِالتَّأْنِيثِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ النُّشَّابَ بِدُونِ التَّاءِ جِنْسٌ وَيَجُوزُ تَأْنِيثُ ضَمِيرِهِ. (وَالْمُتَرَدِّدُ الدَّاخِلُ بَعْضُهُ فِي بَعْضِهِ) : وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ فِي بَعْضٍ بِدُونِ الضَّمِيرِ. (قِصَرًا) : بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الصَّادِ مَفْعُولٌ لَهُ لِلدُّخُولِ يَعْنِي مَنْ كَانَ فِي غَايَةِ الْقِصَرِ يُقَالُ لَهُ الْمُتَرَدِّدُ بِلَا تَرَدُّدٍ قَالُوا: كَأَنَّ بَعْضَ أَعْضَائِهِ تَرَدَّدَ إِلَى بَعْضٍ وَتَدَاخَلَتْ أَجْزَاؤُهُ، وَقِيلَ: لِأَنَّهُ يَتَرَدَّدُ النَّاظِرُ فِيهِ هَلْ هُوَ صَبِيٌّ أَوْ رَجُلٌ. (وَأَمَّا الْقَطَطُ) : أَيْ عَلَى الضَّبْطِ السَّابِقِ. (فَالشَّدِيدُ الْجُعُودَةِ) : وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ فَشَدِيدُ الْجُعُودَةِ بِدُونِ اللَّامِ أَيْ كَالزُّنُوجِ وَفِي بَعْضِ الْهُنُودِ. (وَالرَّجِلُ) : بِكَسْرِ الْجِيمِ وَسُكُونِهَا. (الَّذِي فِي شَعْرِهِ) : بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَسُكُونِهَا وُصِفَ صَاحِبُ الشَّعْرِ بِهِ مَجَازًا وَالْحَقِيقَةُ وُصِفُ نَفْسِ الشَّعْرِ الْمَذْكُورِ بِهِ، وَقِيلَ أَنَّهُ بَيَانٌ لِلْمُرَادِ بِهِ فِي الْحَدِيثِ دُونَ اللُّغَةِ. (حُجُونَةٌ) : بِضَمِّ الْحَاءِ وَالْمُهْمَلَةِ وَالْجِيمِ أَيِ انْعِطَافٌ. وَقَوْلُهُ: (أَيْ تَثَنٍّ) : بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَالْمُثَلَّثَةِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ مَصْدَرُ تَثَنَّى عَلَى زِنَةِ تَفَعَّلَ تَفْسِيرٌ لِكَلَامِ الْأَصْمَعِيِّ مِنْ غَيْرِهِ أَعَمُّ مِنْ أَبِي عِيسَى أَوْ أَبِي جَعْفَرٍ فَلَا يُرَدُّ أَنَّ الْأَوْلَى الَّذِي فِي شَعْرِهِ تَثَنٍّ قَصْرًا لِلْمَسَافَةِ. وَقَوْلُهُ: (قَلِيلًا) : أَيِ انْعِطَافٌ بِوَصْفِ الْقِلَّةِ لَا عَلَى طَرِيقِ الْمُبَالَغَةِ، وَفِيهِ أَنَّهُ يُخَالِفُ مَا فِي الْقَامُوسِ: شَعْرٌ حَجِنٌ كَكَتِفٍ مُتَسَلْسِلٌ مُسْتَرْسِلٌ رَجِلٌ جَعْدُ الْأَطْرَافِ، انْتَهَى. فَكَانَ وَصْفُ الْقِلَّةِ بِاعْتِبَارِ الْوَاقِعِ فِي وَصْفِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَيِ التَّفْسِيرِيَّةُ بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِدْرَاكِ لِأَنَّ الْأَصْمَعِيَّ لَمَّا قَالَ: فِي شَعْرِهِ حُجُونَةٌ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ عَلَى إِطْلَاقِهِ فَقَيَّدَهُ مَنْ قَيَّدَهُ بِقَوْلِهِ أَيْ تَثَنٍّ قَلِيلًا. (وَأَمَّا الْمُطَهَّمُ) : بِفَتْحِ الْهَاءِ الْمُشَدَّدَةِ. (فَالْبَادِنُ) : وَتَقَدَّمَ قَوْلٌ آخَرُ فِي مَعْنَاهُ، وَالْبَادِنُ هُوَ الضَّخْمُ، مِنْ بَدَنَ بِمَعْنَى ضَخُمَ. (الْكَثِيرُ اللَّحْمِ) : بِخَفْضِ اللَّحْمِ صِفَةٌ كَاشِفَةٌ. (وَالْمُكَلْثَمُ) : بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ. (الْمُدَوَّرُ الْوَجْهِ وَالْمُشْرَبُ) : بِفَتْحِ الرَّاءِ. (الَّذِي فِي بَيَاضِهِ حُمْرَةٌ) : فَإِذَا شُدِّدَ كَانَ لِلْمُبَالَغَةِ، وَالْإِشْرَابُ خَلْطُ لَوْنٍ بِلَوْنٍ آخَرَ كَأَنَّ أَحَدَ اللَّوْنَيْنِ سَقَى اللَّوْنَ الْآخَرَ، فَالتَّقْيِيدُ بِالْبَيَاضِ وَالْحُمْرَةِ وَقَعَ مَثَلًا أَوْ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ فِي وَصْفِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (وَالْأَدْعَجُ الشَّدِيدُ سَوَادِ الْعَيْنِ) : بِإِضَافَةِ الشَّدِيدِ إِلَى سَوَادِ الْعَيْنِ، وَقِيلَ الدَّعَجُ شِدَّةُ سَوَادِ الْعَيْنِ فِي شِدَّةِ بَيَاضِهَا، وَهُوَ الْأَنْسَبُ بِمَقَامِ الْمَدْحِ. (وَالْأَهْدَبُ الطَّوِيلُ الْأَشْفَارِ) : قَالَ مِيرَكُ: الْأَشْفَارُ جَمْعُ شُفْرَةٍ بِالضَّمِّ وَقَدْ تُفْتَحُ، وَهُوَ حُرُوفُ الْأَجْفَانِ أَيْ أَطْرَافُهَا الَّتِي يَنْبُتُ عَلَيْهَا الشَّعْرُ وَهُوَ الْهَدَبُ، وَالْأَهْدَبُ هُوَ الَّذِي شَعْرُ أَجْفَانِهِ كَثِيرٌ مُسْتَطِيلٌ، وَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ: الطَّوِيلُ الْأَشْفَارِ يُوهِمُ أَنَّ الْأَشْفَارَ هِيَ الْأَهْدَابُ لَكِنَّهُ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ أَيِ الطَّوِيلُ شَعْرِ الْأَشْفَارِ، قَالَ فِي الْمُغْرِبِ: إِنَّ أَحَدًا مِنَ الثِّقَاتِ لَمْ يَذْكُرْ أَنَّ الْأَشْفَارَ الْأَهْدَابُ.
(وَالْكَتَدُ) : بِفَتْحِ التَّاءِ وَكَسْرِهَا. (مَجْتَمَعُ الْكَتِفَيْنِ) : بِفَتْحِ الْمِيمِ الْأُولَى وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ اسْمُ مَكَانٍ، وَقَوْلُ الْعِصَامِ: عَلَى صِيغَةِ الْمَفْعُولِ، مُوهِمٌ فَفِيهِ مُسَامَحَةٌ، وَالْكَتِفُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ ثَانِيهِ عَلَى مَا ضُبِطَ فِي الْأُصُولِ، وَفِي الْقَامُوسِ: كَفَرِحَ وَمَثِلَ وَحَبِلَ. (وَهُوَ) : أَيْ مُجْتَمَعُهُمَا. (الْكَاهِلُ) : بِكَسْرِ الْهَاءِ، وَيُقَالُ بِالْفَارِسِيَّةِ مَيَانْ هَرْدُوشَانَهْ، وَقِيلَ: مَا بَيْنَ الْكَاهِلِ إِلَى الظَّهْرِ، وَفِي الْقَامُوسِ: الْكَاهِلُ كَصَاحِبِ الْحَارِكِ، وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ بَالْ وَبِالْعَرَبِيَّةِ الْغَارِبُ أَوْ مُقَدَّمُ أَعْلَى الظَّهْرِ مِمَّا يَلِي الْعُنُقَ وَهُوَ الثُّلُثُ الْأَعْلَى أَوْ مَا بَيْنَ الْكَتِفَيْنِ، فَقَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ: وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ، غَيْرُ صَحِيحٍ. (
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute