خَصْرِهَا يُنَافِيهِ، وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ قَالَ الْقَاضِي: هَذَا أَرْجَحُ لَا سِيَّمَا وَقَدْ رُوِيَ مِنْ تَحْتِ صَدْرِهَا، وَمِنْ تَحْتِ دِرْعِهَا، وَلِأَنَّ الْعَادَةَ لَمْ تَجْرِ بِرَمْيِ الصِّبْيَانِ الرُّمَّانَ تَحْتَ ظُهُورِ أُمَّهَاتِهِمْ، وَلَا جَرَتِ الْعَادَةُ بِاسْتِلْقَاءِ النِّسَاءِ كَذَلِكَ حَتَّى يُشَاهِدَ مِنْهُنَّ الرِّجَالُ، وَذَكَرَ ابْنُ حَجَرٍ هُنَا وَجْهَ الْجَمْعِ بِمَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْمَنْعُ، وَيَتَشَوَّشُ بِهِ السَّمْعُ (فَطَلَّقَنِي وَنَكَحَهَا وَنَكَحْتُ) بِالْوَاوِ وَفِي نُسْخَةٍ فَنَكَحْتُ (بَعْدَهُ رَجُلًا) أَيْ: كَامِلَ الرُّجُولِيَّةِ (سَرِيًّا) بِالْمُهْمَلَةِ أَيْ: شَرِيفًا، وَقِيلَ سَخِيًّا (رُكِّبَ شَرِيًّا) بِالْمُعْجَمَةِ أَيْ: فَرَسَا يَسْتَشْرِي فِي سَيْرِهِ أَيْ: يَمْضِي بِلَا فُتُورٍ، وَلَا انْكِسَارٍ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: أَيْ: فَرَسًا فَائِقًا جَيِّدًا (وَأَخَذَ خَطِّيًّا) بِتَشْدِيدِ الطَّاءِ، وَالتَّحْتِيَّةِ بَعْدَ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ الْمَفْتُوحَةِ، وَيُكْسَرُ أَيْ: رُمْحًا مَنْسُوبًا إِلَى الْخَطِّ قَرْيَةٌ فِي سَاحِلِ الْبَحْرِ عِنْدَ عُمَانَ، وَالْبَحْرَيْنِ (وَأَرَاحَ عَلَيَّ نَعَمًا) بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ: أَنْعَامًا (ثُرَيًّا) أَيْ: كَثِيرًا مِنَ الْإِرَاحَةِ، وَهِيَ رَدُّ الْمَاشِيَةِ بِالْعَشِيِّ مِنْ مَرْعَاهَا أَيْ: أَتَى بِهَا إِلَى مُرَاحِهَا بِضَمِّ الْمِيمِ وَهُوَ مَبِيتُهَا، وَخُصَّتِ الْإِرَاحَةُ بِالذِّكْرِ دُونَ السَّرْحِ ; لِأَنَّ ظُهُورَ النِّعْمَةِ فِي النِّعَمِ حِينَئِذٍ أَتَمُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَالنَّعَمُ هِيَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا بَعْضُهَا وَهِيَ الْإِبِلُ، وَادَّعَى الْقَاضِي أَنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ اللُّغَةِ عَلَى أَنَّ النَّعَمَ مُخْتَصَّةٌ بِالْإِبِلِ، وَالثَّرَى فَعِيلٌ مِنَ الثَّرْوَةِ، وَهِيَ الْكَثْرَةُ مِنَ الْمَالِ وَغَيْرِهِ، وَذَكَّرُوا فَرُدَّ، وَوُصِفَتْ بِهِ النَّعَمُ لِأَنَّ النَّعَمَ قَدْ يُذَكَّرُ أَيْضًا أَوْ حَمْلًا عَلَى اللَّفْظِ (وَأَعْطَانِي مِنْ كُلِّ رَائِحَةٍ) يُقَالُ رَاحَتِ الْإِبِلُ تَرُوحُ، وَأَرَحْتُهَا أَيْ: رَدَدْتُهَا أَيْ: مِمَّا تَرُوحُ إِلَى الْمَرَاحِ مِنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ، وَالْعَبِيدِ أَيْ: يَرْجِعُ بِالْعَشِيِّ، وَهُوَ الرَّوَاحُ ضِدَّ الصَّبَاحِ (زَوْجًا) أَيْ: أَوْ صِنْفًا وَمِنْهُ
قَوْلُهُ تَعَالَى وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً وَفِي رِوَايَةٍ مِنْ كُلِّ ذَابِحَةٍ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ الْمَكْسُورَةِ ; فَإِنْ صَحَّ وَلَمْ يَكُنْ تَحْرِيفًا فَيَكُونُ بِمَعْنَى الْأَوَّلِ وَيَكُونُ فَاعِلُهُ بِمَعْنَى مَفْعُولِهِ أَيْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يَجُوزُ ذَبْحُهُ مِنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى (وَقَالَ) أَيِ: الزَّوْجُ الثَّانِي (كُلِي أُمَّ زَرْعٍ) أَيْ: يَا أُمَّ زَرْعٍ (وَمِيرِي) بِكَسْرِ الْمِيمِ أَيْ: أَعْطِي (أَهْلَكِ) وَتَفَضَّلِي عَلَيْهِمْ، وَهُوَ أَمْرٌ مِنَ الْمِيرَةِ، وَهِيَ الطَّعَامُ الَّذِي يَمْتَارُهُ الْإِنْسَانُ أَيْ: يَجْلِبُهُ لِأَهْلِهِ يُقَالُ مَارَ أَهْلَهُ يَمِيرُهُمْ مَيْرًا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَنَمِيرُ أَهْلَنَا ثُمَّ وَصَفَتْ كَثْرَةَ نِعَمِ أَبِي زَرْعِ، وَكَرَمِهِ بِقَوْلِهَا (فَلَوْ جَمَعْتُ) أَيْ: أَنَا (كُلَّ شَيْءٍ أَعْطَانِيهِ) أَيْ: هَذَا الزَّوْجُ (مَا بَلَغَ أَصْغَرَ آنِيَةِ أَبِي زَرْعٍ) أَيْ: قَيْمَتِهَا أَوْ قَدْرِ مَلْئِهَا، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى عِبَارَةِ: مَا الْحُبُّ إِلَّا لِلْحَبِيبِ الْأَوَّلِ، وَلِذَا قِيلَ الشَّيْبُ نِصْفُ الْمَرْأَةِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ وَقَالَ تَعَالَى فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا عُرُبًا أَتْرَابًا وَهَذَا أَحَدُ وُجُوهِ أَحَبِيَّةِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا إِلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَالَتْ عَائِشَةُ: رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لِأُمِّ زَرْعٍ) أَيْ: فِي أَخْذِكِ بِكْرًا وَإِعْطَائِكَ كَثِيرًا لَا فِي الطَّلَاقِ وَالْفِرَاقِ إِذْ لَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute