للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالتَّابِعِينَ وَغَيْرِهِمْ. (إِمْلَاءً) : مَصْدَرٌ مَنْسُوبٌ أَيْ قَالَ سُفْيَانُ: حَدَّثَنَا جُمَيْعٌ حَالَ كَوْنِهِ مُمْلِيًا أَوْ مُلْقِيًا أَوْ تَالِيًا. (عَلَيْنَا مِنْ كِتَابِهِ) : أَيْ لَا مِنْ حِفْظِهِ، وَإِيثَارُهُ لِزِيَادَةِ الِاحْتِيَاطِ أَوْ لِنِسْيَانِ بَعْضِ الْمَرْوِيِّ، وَنَصْبُهُ عَلَى التَّمْيِيزِ، أَوْ يَكُونُ أَمْلَأٌ مَصْدَرًا لِقَوْلِهِ: " حَدَّثَنَا جُمَيْعٌ " مِنْ غَيْرِ لَفْظِهِ، وَهُوَ مَصْدَرُ أَمْلَيْتُ بِمَعْنَى أَمْلَلْتُ، وَهُمَا لُغَتَانِ فِي الْقُرْآنِ، وَالْمُضَاعَفُ هُوَ الْأَصْلُ وَالْمُمْلِي حَدَّثَنَا رَجُلٌ إِلَخْ، وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ أَمْلَاهُ بِلَفْظِ الْمَاضِي وَاتِّصَالِ ضَمِيرِ الْمَفْعُولِ بِهِ وَهُوَ حَالٌ مِنْ فَاعِلِ حَدَّثَنَا بِتَقْدِيرِ قَدْ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ اسْتِئْنَافٌ بَعِيدٌ جِدًّا، وَلَمَّا كَانَ الْإِمْلَاءُ أَعَمَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بِحِفْظِهِ أَوْ كِتَابِهِ قَيَّدَهُ بِقَوْلِهِ مِنْ كِتَابِهِ، وَقَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ الْإِمْلَاءُ عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ إِلْقَاءُ الْحَدِيثِ عَلَى الطَّالِبِ مَعَ بَيَانِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ شَرْحِ اللُّغَاتِ وَتَوْضِيحِ الْمَعَانِي وَالنِّكَاتِ. (قَالَ حَدَّثَنِي) : وَفِي نُسْخَةٍ أَخْبَرَنِي وَهُوَ بَيَانٌ لِحَدَّثَنَا الثَّانِي. (رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ) : صِفَةُ رَجُلٍ، قَالَ الْعَسْقَلَانِيُّ: هُوَ عَبْدُ اللَّهِ التَّمِيمِيُّ مَجْهُولُ الْحَالِ. (مِنْ وَلَدِ أَبِي هَالَةَ) : صِفَةٌ بَعْدَ صِفَةٍ، وَهُوَ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَاللَّامِ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ ثَانِيهِ، وَهُوَ مُسْتَعْمَلٌ هُنَا بِمَعْنَى الْجَمْعِ أَيْ مِنْ أَوْلَادِهِ وَأَسْبَاطِهِ فَالْمُرَادُ وَلَدُهُ بِالْوَاسِطَةِ. (زَوْجُ خَدِيجَةَ) : صِفَةٌ لِأَبِي هَالَةَ أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ أَوْ بَدَلٌ مِنْهُ، وَاخْتُلِفَ فِي اسْمِهِ فَقِيلَ: هِنْدُ بْنُ زُرَارَةَ وَكَانَ مِنْ أَشْرَافِ قُرَيْشٍ وَرُؤَسَائِهِمْ مَاتَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَأَمَّا خَدِيجَةُ فَهِيَ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، وَكَانَتْ تُدْعَى فِي الْجَاهِلِيَّةِ الطَّاهِرَةُ، كَانَتْ أَوَّلًا فِي حِيَالِ عَتِيقِ بْنِ خَالِدٍ الْمَخْزُومِيِّ فَوَلَدَتْ لَهُ عَبْدَ اللَّهِ وَبِنْتًا، ثُمَّ مَاتَ عَتِيقٌ وَخَلَفَهُ أَبُو هَالَةَ فَوَلَدَتْ لَهُ ذَكَرَيْنِ هَالَةَ وَهِنْدًا، ثُمَّ مَاتَ أَبُو هَالَةَ فَتَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً وَلَهَا يَوْمَئِذٍ أَرْبَعُونَ سَنَةً، وَنَشَأَ هِنْدٌ فِي حِجْرِ تَرْبِيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَصَارَتْ خَدِيجَةُ أُمَّ أَوْلَادِهِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ سِوَى إِبْرَاهِيمَ، وَهِيَ أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِهِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ، وَأَقَامَتْ تَحْتَ فِرَاشِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ سَنَةً، وَمَنَاقِبُهَا كَثِيرَةٌ يَطُولُ شَرْحُهَا، تُوُفِّيَتْ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ عَشْرٍ مِنَ النُّبُوَّةِ بِمَكَّةَ وَهِيَ بِنْتُ خَمْسٍ وَسِتِّينَ سَنَةً، وَدُفِنَتْ بِالْحَجُونِ، وَنَزَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْرَهَا وَلَمْ تُشْرَعْ صَلَاةُ الْجَنَازَةِ حِينَئِذٍ، كَذَا ذَكَرَهُ مِيرَكُ شَاهْ وَخَالَفَهُ ابْنُ حَجَرٍ حَيْثُ قَالَ: وَكَانَتْ تَحْتَ أَبِي هَالَةَ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا عَتِيقٌ. (يُكْنَى) : صِفَةٌ ثَالِثَةٌ لِرَجُلٍ لَا لِزَوْجٍ عَلَى مَا تُوُهِّمَ، وَهُوَ بِضَمِّ الْيَاءِ وَسُكُونِ الْكَافِ، وَفِي نُسْخَةٍ يُكَنَّى مِنَ التَّكْنِيَةِ، فِي الْقَامُوسِ: كَنِيَ زَيْدٌ، يُكْنَى أَبَا عَمْرٍو، وَبِهِ كُنْيَةٌ بِالْكَسْرِ وَالضَّمِّ سَمَّاهُ بِهِ كَأَكْنَاهُ وَكَنَّاهُ. فَقَوْلُهُ: (أَبَا عَبْدِ اللَّهِ) : مَنْصُوبٌ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ ثَانٍ سَوَاءٌ كَانَ مُشَدَّدًا أَوْ مُخَفَّفًا مُجَرَّدًا أَوْ مَزِيدًا، قَالَ الْحَنَفِيُّ: يُكْنَى عَلَى صِيغَةِ الْمَجْهُولِ مِنَ الثُّلَاثِيِّ الْمُجَرَّدِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنَ التَّكْنِيَةِ، وَفِي الصِّحَاحِ فُلَانٌ يُكْنَى بِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ، وَكَنَّيْتُهُ أَبَا زَيْدٍ، وَبِأَبِي زَيْدٍ تُكَنِّيهِ، فَعَلَى هَذَا النُّسْخَةُ الثَّانِيَةُ ظَاهِرَةٌ وَالْأُولَى تَحْتَاجُ إِلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ أَوْ عَلَى الْمَدْحِ، وَقَالَ مِيرَكُ: الرِّوَايَةُ يُكْنَى بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ مُخَفَّفًا مِنَ الثُّلَاثِيِّ الْمُجَرَّدِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَنْصُوبًا بِالْمَدْحِ ; أَعْنِي بِتَقْدِيرِ يَعْنِي، وَتَعَقَّبَهُ الْعِصَامُ بِقَوْلِهِ: يُكْنَى عَلَى صِيغَةِ الْمَجْهُولِ مُخَفَّفًا مُجَرَّدًا أَوْ مَزِيدًا وَمُشَدَّدًا عَلَى اخْتِلَافِ النُّسَخِ، وَالْكُلُّ بِمَعْنًى، وَقَدْ يَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ بِنَفْسِهِ وَمِنْهُ يُكْنَى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، وَقَدْ يَتَعَدَّى إِلَى الثَّانِي بِحَرْفِ الْجَرِّ كَذَا فِي الْقَامُوسِ فَلَا تَقْصُرْ نُسْخَةَ الْمُخَفَّفِ عَلَى كَوْنِهِ ثُلَاثِيًّا مُجَرَّدًا فَتَكُونَ مِنَ الْقَاصِرِينَ وَلَا تَجْعَلْهَا مُحْتَاجَةً إِلَى النَّصْبِ بِنَزْعِ الْخَافِضِ فَتَخْرُجَ عَنْ زُمْرَةِ الْمُتَبَصِّرِينَ، ثُمَّ قَالَ: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مَجْهُولٌ مِنَ الطَّبَقَةِ السَّادِسَةِ، وَلَمْ يُخَرِّجْ حَدِيثَهُ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الصِّحَاحِ إِلَّا التِّرْمِذِيُّ فِي الشَّمَائِلِ، وَلِقَاؤُهُ ابْنَ أَبِي هَالَةَ مُنْتَفٍ قَطْعًا ; لِأَنَّ الطَّبَقَةَ السَّادِسَةَ لَمْ يَثْبُتْ لَهُمْ لِقَاءَ الصَّحَابَةِ وَابْنُ أَبِي هَالَةَ مِنْ قُدَمَاءِ الصَّحَابَةِ لَا مَحَالَةَ قُلْتُ إِنَّمَا يَتِمُّ هَذَا لَوْ أُرِيدَ بِابْنِ أَبِي هَالَةَ وَلَدُهُ بِلَا وَاسِطَةٍ وَأَمَّا عَلَى مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ حَفِيدُهُ فَلَا إِشْكَالَ فِي الِاتِّصَالِ. (

<<  <  ج: ص:  >  >>