وَاحِدَةٌ، فَيَجِبُ عِنْدَ عَدَمِ التَّعَارُضِ الْعَمَلُ بِالْأَصَحِّ مِنْ تِلْكَ الرِّوَايَاتِ، وَهُوَ رِوَايَةُ الشَّيْخَيْنِ ثُمَّ إِحْدَاهُمَا (قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ: فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ) أَيْ: فَقُمْتُ وَتَوَضَّأْتُ فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ
كَمَا فِي رِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ (فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى رَأْسِي ثُمَّ أَخَذَ بِأُذُنِي الْيُمْنَى) قِيلَ وَضَعَهَا عَلَيْهِ أَوَّلًا لِيَتَمَكَّنَ مِنْ أَخْذِ الْأُذُنِ أَوْ ; لِأَنَّهَا لَمْ تَقَعْ إِلَّا عَلَيْهِ، أَوْ لِيُنْزِلْ بَرَكَتَهَا بِهِ لِيَحْفَظَ جَمِيعَ أَفْعَالِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ذَلِكَ الْمَقَامِ وَغَيْرِهِ (فَفَتَلَهَا) بِالْفَاءِ الْعَاطِفَةِ عَلَى صِيغَةِ الْمَاضِي، وَفِي نُسْخَةٍ يَفْتِلُهَا عَلَى صِيغَةِ الْمُضَارِعِ مِنْ بَابِ ضَرَبَ، فَحِينَئِذٍ هَذِهِ الْجُمْلَةُ حَالٌ مِنْ فَاعِلِ أَخَذَ وَفِي رِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ فَأَخَذَ بِأُذُنِي، فَأَدَارَنِي عَنْ يَمِينِهِ قِيلَ، وَفَتَلَهَا إِمَّا لِيُنَبِّهَهُ عَلَى مُخَالَفَةِ السُّنَّةِ أَوْ لِيَزْدَادَ تَيَقُّظُهُ لِحِفْظِ تِلْكَ الْأَفْعَالِ أَوْ لِيُزِيلَ مَا عِنْدَهُ مِنَ النُّعَاسِ لِرِوَايَةِ: فَجَعَلْتُ إِذَا أَغْفَيْتُ يَأْخُذُ بِشَحْمَةِ أُذُنِي (فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ. قَالَ مَعْنٌ: سِتُّ مَرَّاتٍ) أَيْ: قَوْلُهُ رَكْعَتَيْنِ سِتُّ مَرَّاتٍ فَتَكُونُ صَلَاتُهُ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً (ثُمَّ أَوْتَرَ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَرِوَايَةُ الشَّيْخَيْنِ فَتَتَامَّتْ صَلَاتُهُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً يَعْنِي فَالْوَتْرُ وَاحِدَةٌ، وَيُدْفَعُ بِأَنَّ الْمَعْنَى ثُمَّ أَوْتَرَ الشَّفْعَ الْأَخِيرَ بِرَكْعَةٍ مُنْضَمَّةٍ إِلَيْهِ لِرِوَايَةِ أَنَّهُ أَوْتَرَ بِثَلَاثٍ، قِيلَ فِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعَمَلَ الْقَلِيلَ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ، وَأَنَّ صَلَاةَ الصَّبِيِّ صَحِيحَةٌ، وَأَنَّ لَهُ مَوْقِفًا مِنَ الْإِمَامِ كَالْبَالِغِ، وَأَنَّ الْجَمَاعَةَ فِي غَيْرِ الْمَكْتُوبَاتِ جَائِزَةٌ، أَقُولُ: وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْفُرُوعِ اتِّفَاقَ الْفُقَهَاءِ بِكَرَاهِيَةِ الْجَمَاعَةِ فِي النَّوَافِلِ إِذَا كَانَ سِوَى الْإِمَامِ أَرْبَعَةٌ، قَالَ فِي الْكَافِي: أَنَّ التَّطَوُّعَ بِالْجَمَاعَةِ إِنَّمَا يُكْرَهُ إِذَا كَانَ عَلَى سَبِيلِ التَّدَاعِي، وَأَمَّا لَوِ اقْتَدَى وَاحِدٌ بِوَاحِدٍ أَوِ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ لَا يُكْرَهُ، وَإِنِ اقْتَدَى ثَلَاثَةٌ بِوَاحِدٍ اخْتُلِفَ فِيهِ وَإِنِ اقْتَدَى أَرْبَعَةٌ بِوَاحِدٍ كُرِهَ اتِّفَاقًا، وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ النِّقَايَةِ مِنْ جَوَازِ الْجَمَاعَةِ فِي النَّوَافِلِ مُطْلَقًا نَقْلًا عَنِ الْمُحِيطِ، وَكَذَا مَا ذَكَرَهُ فِي الْفَتَاوَى الصُّوفِيَّةِ، وَنَحْوِهِمَا فَمَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْجَوَازِ الصِّحَّةُ، وَهِيَ لَا تُنَافِي الْكَرَاهَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ (ثُمَّ اضْطَجَعَ) قَالَ مِيرَكُ: الْمُرَادُ بِالِاضْطِجَاعِ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ التَّهَجُّدِ لِلِاسْتِرَاحَةِ لِيَزُولَ عَنْهُ تَعَبُ قِيَامِ اللَّيْلِ، فَيُصَلِّي فَرِيضَةَ الصُّبْحِ بِنَشَاطٍ، وَلَمْ يَكُنْ بِهِ مَلَالَةٌ. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَيُسْتَحَبُّ الِاضْطِجَاعُ بَعْدَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ أَيْضًا يَعْنِي لِحَدِيثٍ وَرَدَ بِذَلِكَ، وَالظَّاهِرُ عَدَمُ تَكْرَارِ الِاضْطِجَاعِ ; فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ قَبْلُ يُسْتَدْرَكْ فِيمَا بَعْدُ (ثُمَّ جَاءَهُ الْمُؤَذِّنُ) أَيْ: بِلَالٌ أَوْ غَيْرُهُ لِلْإِعْلَامِ بِدُخُولِ الْوَقْتِ (فَقَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ) أَيْ: سُنَّةَ الصُّبْحِ، وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ تَخْفِيفِهَا لَا عَلَى جَوَازِهِ كَمَا تَوَهَّمَ بَعْضُهُمْ، وَسَيَأْتِي تَحَقُّقُهُ (ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الصُّبْحَ) أَيْ: فَرْضَهُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute