للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَيِ: النَّخَعِيِّ (عَنْ سَهْمِ بْنِ مِنْجَابٍ) بِكَسْرِ مِيمٍ، فَسُكُونِ نُونٍ فَجِيمٍ فَأَلِفٍ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ (عَنْ قَرْثَعٍ) بِفَتْحِ قَافٍ وَسُكُونِ رَاءٍ فَمُثَلَّثَةٍ مَفْتُوحَةٍ فَعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ (الضَّبِّيِّ) بِضَادٍ مُعْجَمَةٍ، وَمُوَحَّدَةٍ مُشَدَّدَةٍ (أَوْ عَنْ قَزَعَةَ) بِفَتْحِ قَافٍ وَزَاءٍ، وَعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ (عَنْ قَرْثَعٍ) قَالَ مِيرَكْ شَاهْ رَحِمَهُ اللَّهُ: هَكَذَا وَقَعَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ بِالشَّكِ، وَسَيَأْتِي مِنْ طَرِيقِ أَبِي مُعَاوِيَةَ: عَنْ قَزَعَةَ عَنِ الْقَرْثَعِ، مِنْ غَيْرِ شَكٍّ (عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُدْمِنُ) مِنَ الْإِدْمَانِ بِمَعْنَى الْمُدَاوَمَةِ أَيْ: يُلَازِمُ (أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ عِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ) أَيْ: عِنْدَ تَحَقُّقِهِ وَبَعْدَ وُقُوعِهِ لِلنَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ حَالَةَ الِاسْتِوَاءِ، وَإِنَّمَا عَدَلَ عَنْ قَوْلِهِ بَعْدَ زَوَالِهَا لِيُفِيدَ أَنَّ الْمَقْصُودَ أَوَّلُ وَقْتِ زَوَالِهَا بِلَا تَرَاخٍ، كَأَنَّهُ عِنْدَ زَوَالِهَا، وَلِذَا تُسَمَّى هَذِهِ الصَّلَاةُ صَلَاةَ الزَّوَالِ عِنْدَ بَعْضِهِمْ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ حَيْثُ قَالَ: الْمُرَادُ بِهَا سُنَّةُ الظُّهْرِ، وَفِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ السُّنَنَ الْقَبْلِيَّةَ يُسْتَحَبُّ تَعْجِيلُهَا فِي أَوَائِلِ أَوْقَاتِهَا عَلَى خِلَافٍ فِي أَدَاءِ الْفَرَائِضِ، وَالْمُخْتَارُ التَّفْصِيلُ عَلَى مَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي مَحِلِّهِ، وَيَدُلُّ عَلَى مَا حَرَّرْنَاهُ فِيمَا قَرَّرْنَاهُ مَا سَيَأْتِي مِنْ حَدِيثِ ابْنِ السَّائِبِ، وَكَذَا حَدِيثِ الْبَزَّارِ نَحْوَهُ مِنْ حَدِيثِ ثَوْبَانَ، وَهُوَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَسْتَحِبُّ أَنْ يُصَلِّيَ بَعْدَ نِصْفِ النَّهَارِ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَاكَ تَسْتَحِبُّ الصَّلَاةَ هَذِهِ السَّاعَةِ، فَقَالَ: «يُفْتَحُ فِيهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَيَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى خَلْقِهِ بِالرَّحْمَةِ، وَهِيَ صَلَاةٌ كَانَ يُحَافِظُ عَلَيْهَا آدَمُ، وَنُوحٌ وَإِبْرَاهِيمُ وَمُوسَى وَعِيسَى عَلَيْهِمُ السَّلَامُ» ، انْتَهَى.

فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ تُدْمِنُ أَيْ: تُوَاظِبُ (هَذِهِ الْأَرْبَعَ الرَّكَعَاتِ) وَفِي نُسْخَةٍ تُكْثِرُ مِنْ هَذِهِ الرَّكَعَاتِ (عِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ، فَقَالَ: إِنَّ أَبْوَابَ السَّمَاءِ تُفْتَحُ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (عِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ فَلَا) بِالْفَاءِ، وَفِي نُسْخَةٍ وَلَا (تُرْتَجُ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ الْأُولَى وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ، وَتَخْفِيفِ الْجِيمِ أَيْ: لَا تُغْلَقُ (حَتَّى تُصَلَّى الظُّهْرُ) أَيْ: صَلَاةُ الظُّهْرِ بِصِيغَةِ الْمَفْعُولِ عَلَى أَنَّ الظُّهْرَ قَائِمٌ مَقَامَ فَاعِلِهِ (فَأُحِبُّ) بِالْفَاءِ دَخَلَتْ عَلَى الْمُسَبِّبِ لِأَنَّ فَتْحَ أَبْوَابِ السَّمَاءِ سَبَبٌ لِأَنْ يُحِبَّ صُعُودَ الْعَمَلِ فِيهَا فَالْمَعْنَى: أَوَدُّ وَأَتَمَنَّى (أَنْ يَصْعَدَ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ، وَيَجُوزُ ضَمُّهُ أَيْ: يَطْلُعَ وَيُرْفَعَ (لِي فِي تِلْكَ السَّاعَةِ خَيْرٌ) أَيْ: عَمَلُ خَيْرٍ مِنَ النَّوَافِلِ زِيَادَةً عَلَى مَا كُتِبَ عَلَيَّ؛ لِيَدُلَّ عَلَى كَمَالِ الْعُبُودِيَّةِ وَنِهَايَةِ الرَّغْبَةِ إِلَى الْعِبَادَةِ الرُّبُوبِيَّةِ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ تَبَعًا لِشَارِحٍ قَبْلَهُ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ خَيْرٌ مَوْضُوعٌ كَمَا ذَكَرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثٍ آخَرَ انْتَهَى.

وَهُوَ غَفْلَةٌ مِنْ أَنَّ خَيْرًا هُنَا لَيْسَ بِمَعْنَى أَخْيَرَ بَلْ وَاحِدُ الْخُيُورِ (قُلْتُ أَفِي كُلِّهِنَّ قِرَاءَةٌ؟) أَيْ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ وُجُوبًا كَمَا هُوَ مَذْهَبُنَا مِنْ

ضَمِّ سُورَةٍ أَوْ قَدْرِهَا مِنَ الْقُرْآنِ (قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: هَلْ فِيهِنَّ) أَيْ: فِيمَا بَيْنَهُنَّ مِنَ الشَّفْعَيْنِ (تَسْلِيمٌ فَاصِلٌ) أَيْ: لِلْخُرُوجِ عَنِ الصَّلَاةِ احْتِرَازًا مِنَ السَّلَامِ الَّذِي فِي التَّشَهُّدِ (قَالَ: لَا) ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَرْبَعَ أَفْضَلُ فِي النَّهَارِ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَئِمَّتُنَا الثَّلَاثَةُ، وَإِنْ خَالَفَ الْإِمَامُ صَاحِبَاهُ فِي اللَّيْلِ.

ثُمَّ فِي قَوْلِهِ لَا دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى سُنِّيَّةِ الْوَصْلِ فِي سُنَّةِ الزَّوَالِ، وَكَذَا سُنَّةِ الظُّهْرِ، وَالْعَصْرِ مَعَ جَوَازِ الْفَصْلِ إِجْمَاعًا، وَأَبْعَدَ ابْنُ حَجَرٍ حَيْثُ قَالَ فِيهِ دَلِيلٌ لِجَوَازٍ نَحْوَ سُنَّةِ الزَّوَالِ، وَالظُّهْرِ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةً، وَبُعْدُهُ لَا يَخْفَى لِتَصْرِيحِ جَوَابِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِلَا الدَّالَّةِ عَلَى خِلَافِ الْأُولَى ثُمَّ قَالَ: وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ امْتِنَاعُ سُنِّيَّةِ أَرْبَعٍ مِنَ التَّرَاوِيحِ بِتَسْلِيمَةٍ ; لِأَنَّ تِلْكَ لِطَلَبِ الْجَمَاعَةِ فِيهَا أَشْبَهَتِ الْفَرَائِضَ فَاقْتَصَرَ فِيهَا عَلَى الْوَارِدِ فِيهَا بِخِلَافٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>