نَشَأَ فِي حِجْرِهِ، وَحِجْرُهُ أَيْ: حِفْظُهُ وَسِتْرُهُ، وَفِي النِّهَايَةِ الْحَجْرُ بِالْفَتْحِ الْمَنْعُ مِنَ التَّصَرُّفِ وَالْيَتِيمَةُ فِي حِجْرِ وَلِيِّهَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ حِجْرِ الثَّوْبِ، وَهُوَ طَرَفُهُ الْمُقَدَّمُ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يُرَبِّي وَلَدَهُ فِي حِجْرِهِ، وَالْحَجْرُ بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ الثَّوْبُ وَأَغْرَبَ ابْنُ حَجَرٍ فِي نَقْلِهِ أَنَّ الْحِجْرَ بِالْكَسْرِ مَا بَيْنَ يَدَيْكَ مِنْ بَدَنِكَ وَبِالْفَتْحِ فَرْجُ الْمَرْأَةِ وَحَكَى أَنَّهُ بِهِمَا الْحِضْنُ (. وَمَسَحَ) أَيِ: النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (عَلَى رَأْسِي) أَيْ: يَدُهُ لِشُمُولِ الْبَرَكَةِ، وَفِي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ بِزِيَادَةِ (وَدَعَا لِي بِالْبَرَكَةِ) وَفِي الْحَدِيثِ بَيَانُ تَوَاضُعِهِ وَحُسْنِ خُلُقِهِ.
(حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ أَنْبَأَنَا) وَفِي نُسْخَةٍ أَخْبَرَنَا (الرَّبِيعُ، وَهُوَ ابْنُ صُبَيْحٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ الرَّقَاشِيُّ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَتَخْفِيفِ الْقَافِ (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَجَّ عَلَى رَحْلٍ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ أَيْ: قَتَبٍ (رَثٍّ) بِفَتْحِ رَاءٍ وَتَشْدِيدِ مُثَلَّثَةٍ أَيْ: خَلِقٍ عَتِيقٍ (وَقَطِيفَةٍ) أَيْ: وَعَلَى قَطِيفَةٍ فَيُفِيدُ أَنَّهَا كَانَتْ فَوْقَ الرَّحْلِ وَأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَاكِبٌ فَوْقَهَا لَا أَنَّهُ لَابِسٌ لَهَا عَلَى مَا سَبَقَ تَحْقِيقُهَا (كُنَّا نَرَى) بِضَمِّ نُونٍ وَفَتْحِ رَاءٍ أَيْ: نَظُنُّ (ثَمَنَهَا أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ) ذَكَرَهُ مِيرَكُ شَاهْ، وَقَالَ الْحَنَفِيُّ: نَرَى مَجْهُولًا مَعْنَاهُ نَظُنُّ وَمَعْلُومًا مَعْنَاهُ نَعْلَمُ وَنَعْتَقِدُ؛ لِأَنَّ الرُّؤْيَةَ بِمَعْنَى الْإِبْصَارِ لَا يَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ، قَالَ: وَالْحَدِيثُ بِظَاهِرِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ثَمَنَهَا أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ، وَهَذَا لَا يُلَائِمُ مَا سَبَقَ مِنْ قَوْلِهِ وَعَلَيْهِ قَطِيفَةٌ لَا تُسَاوِي أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ وَلَوْ كَانَتِ الْقِصَّةُ مُتَعَدِّدَةً لَا إِشْكَالَ، أَقُولُ الْقَضِيَّةُ مُتَّحِدَةٌ وَالرِّوَايَةُ غَيْرُ مُتَعَدِّدَةٍ فَإِثْبَاتُ الْمُسَاوَاةِ
عَلَى التَّنَزُّلِ وَالْمُسَامَحَةِ وَنَفْيُهَا عَلَى الْمُضَايَقَةِ وَالْمُمَاسَكَةِ (فَلَمَّا اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ) قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: أَيْ: رَفَعَتْهُ مُسْتَوِيًا عَلَى ظَهْرِهَا، وَقَالَ الطِّيبِيُّ: قَوْلُهُ «بِهِ» حَالٌ أَيِ اسْتَوَتْ رَاحِلَتُهُ مُلْتَبِسَةً بِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ الْبَاءُ لِلتَّعْدِيَةِ ثُمَّ الرَّاحِلَةُ مِنَ الْبَعِيرِ الْقَوِيِّ عَلَى الْأَسْفَارِ وَالْأَحْمَالِ، وَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَى فِيهِ سَوَاءٌ، وَالْهَاءُ فِيهَا لِلْمُبَالَغَةِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ، وَقَدْ وَرَدَ (النَّاسُ كَإِبِلٍ مِائَةٍ لَا تَجِدُ فِيهَا رَاحِلَةً) .
وَالْفَاءُ فِي فَلَمَّا لِلتَّفْصِيلِ وَجَوَابُهُ (قَالَ) أَيِ: النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (لَبَّيْكَ) أَيْ: إِقَامَةً عَلَى إِجَابَتِكَ بَعْدَ إِقَامَةٍ مِنْ أَلَبَ بِالْمَكَانِ إِذَا قَامَ وَالْأَصْلُ أَلْبَبْتُ عَلَى خِدْمَتِكَ إِلْبَابًا بَعْدَ إِلْبَابٍ (بِحَجَّةٍ لَا سُمْعَةَ فِيهَا وَلَا رِئَاءَ) بِالْهَمْزَةِ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِلْقِرَاءَاتِ السَّبْعَةِ، وَأَمَّا مَا ضَبَطَهُ فِي الْأَصْلِ بِالْيَاءِ فَلَا وَجْهَ لَهُ إِذْ صَرَّحَ فِي الْمُغْرِبِ بِأَنَّ الْيَاءَ وَإِنْ كَانَ قَوْلُهُ غَيْرَ صَوَابٍ إِذْ قَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ مِنَ الْعَشَرَةِ بِالْيَاءِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ) وَهُوَ ابْنُ مَنْصُورٍ عَلَى مَا فِي نُسْخَةٍ (حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا) وَفِي نُسْخَةٍ أَخْبَرَنَا (مَعْمَرٌ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ (وَعَاصِمٌ الْأَحْوَلُ) بِالْوَصْفِ بِمَا هُوَ الْمَشْهُورُ (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَجُلًا خَيَّاطًا دَعَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) قِيلَ هَذَا الْخَيَّاطُ مِنْ مَوَالِيهِ، وَقَدْ مَرَّ حَدِيثُهُ لَكِنَّهُ ذُكِرَ هُنَا؛ لِأَنَّ فِيهِ دَلَالَةً عَلَى مَزِيدِ تَوَاضُعِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (فَقَرَّبَ لَهُ) أَيْ: لِأَجْلِهِ، وَفِي نُسْخَةٍ إِلَيْهِ أَيْ: إِلَى جَانِبِهِ (ثَرِيدًا) أَيْ: خُبْزًا مَثْرُودًا بِلَحْمٍ أَوْ بِمَرَقَةٍ (عَلَيْهِ دُبَّاءٌ فَكَانَ) أَيْ: رَسُولُ اللَّهِ كَمَا فِي نُسْخَةٍ (- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) وَفِي نُسْخَةٍ بِالْوَاوِ بَدَلَ الْفَاءِ (يَأْخُذُ الدُّبَّاءَ وَكَانَ يُحِبُّ الدُّبَّاءَ قَالَ ثَابِتٌ: سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ: فَمَا صُنِعَ لِي طَعَامٌ أَقْدِرُ) بِكَسْرِ الدَّالِ وَمَا نَافِيَةٌ أَيْ: مَا طُبِخَ لِي طَعَامٌ مِنْ صِفَتِهِ أَنِّي أَسْتَطِيعُ (عَلَى أَنْ يُصْنَعَ فِيهِ دُبَّاءٌ إِلَّا صُنِعَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ فِيهِمَا.
(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ) أَيِ: الْبُخَارِيُّ (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ (قَالَتْ: قِيلَ لِعَائِشَةَ: مَاذَا كَانَ يَعْمَلُ رَسُولُ اللَّهِ - صلّى الله عليه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute