حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْمِرْبَدِ) بِكَسْرِ مِيمٍ فَسُكُونٍ فَفَتْحِ مُوَحَّدَةٍ مِنْ رَبَدَ بِالْمَكَانِ إِذَا أَقَامَ فِيهِ، وَرَبَدَهُ إِذَا حَبَسَهُ، وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يُحْبَسُ فِيهِ الْإِبِلُ وَالْغَنَمُ، أَوْ يُجْمَعُ فِيهِ الرُّطَبُ حَتَّى تَجِفَّ، وَبِهِ سُمِّيَ مِرْبَدُ الْبَصْرَةِ (وَجَدُوا هَذَا الْكَذَّانَ) بِفَتْحِ كَافٍ وَتَشْدِيدِ ذَالٍ مُعْجَمَةٍ حِجَارَةٌ رَخْوَةٌ بِيضٌ كَأَنَّهَا مَدَرٌ وَنُونُهُ أَصْلِيَّةٌ أَوْ زَائِدَةٌ، وَالْبَصْرَةُ أَيْضًا حِجَارَةٌ رَخْوَةٌ مَائِلَةٌ إِلَى الْبَيَاضِ (فَقَالُوا) أَيْ: فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ (مَا هَذِهِ)
أَيْ: اسْمُ هَذِهِ الْأَرْضِ (هَذِهِ الْبَصْرَةُ) أَيْ: قَالُوا كَمَا فِي نُسْخَةٍ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ هَمْزَةُ الِاسْتِفْهَامِ مُقَدَّرَةً، فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى تَقْدِيرِ الْقَوْلِ، ثُمَّ الْبَصْرَةُ بَنَاهَا عُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - سَنَةَ سَبْعَ عَشَرَ وَسَكَنَهَا النَّاسُ سَنَةَ ثَمَانِ عَشَرَ، قِيلَ وَلَمْ يُعْبَدْ بِأَرْضِهَا صَنَمٌ، وَيُقَالُ لَهَا قُبَّةُ الْإِسْلَامِ وَخِزَانَةُ الْعَرَبِ، وَالنِّسْبَةُ بَصْرِيٌّ عَلَى الْقِيَاسِ، وَأَكْثَرُ السَّمَاعِ بِالْكَسْرِ، وَرَوَى أَبُو زَيْدٍ ضَمَّهَا، وَالْبَصْرَتَانِ الْكُوفَةُ وَالْبَصْرَةُ (فَسَارُوا) أَيْ: فَتَعَدَّوْا عَنْهَا وَسَارُوا (حَتَّى إِذَا بَلَغُوا أَحِيَالَ الْجِسْرِ الصَّغِيرِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ فَتَحْتِيَّةٌ أَيْ: تِلْقَاءَهُ، وَمُقَابِلَهُ وَالْجِسْرُ بِكَسْرِ الْجِيمِ مَا يُبْنَى عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ، وَيُرَكَّبُ عَلَيْهِ مِنَ الْأَلْوَاحِ وَالْحَشْيَانِ لِيَعْبُرُوا عَلَيْهِ (فَقَالُوا) أَيْ: بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ (هَاهُنَا) أَيْ: فِي هَذَا الْمَكَانِ (أُمِرْتُمْ) أَيْ: بِالنُّزُولِ وَالْإِقَامَةِ حِفْظًا لَهُ عَنْ عَدٍّ وَيَجْرِي لِأَخْذِهِ (فَنَزَلُوا فَذَكَرُوا) الْمُرَادُ بِالْجَمْعِ مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ، وَفِي نُسْخَةٍ فَذَكَرَا بِصِيغَةِ التَّثْنِيَةِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ إِلَى خَالِدٍ وَشُوَيْسٍ، وَفِي نُسْخَةٍ فَذَكَرَ بِصِيغَةِ الْوَاحِدِ الْمَعْلُومِ أَيْ: مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ عَلَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ أَوْ أَبُو نَعَامَةَ، وَهُوَ الْأَقْرَبُ، أَوْ ذَكَرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الرِّوَايَتَيْنِ (الْحَدِيثَ بِطُولِهِ) وَلَمْ يَسْتَكْمِلْهُ؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَ لِلْبَابِ هُوَ مَا سَيَأْتِي مِنْ كَلَامِ عُتْبَةَ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى ضِيقِ عَيْشِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابِهِ (قَالَ) أَيْ: كُلُّ وَاحِدٍ، وَهُوَ يُرَجِّحُ مِثْلَهُ مِمَّا سَبَقَ مِنْ أَنْوَاعِ التَّأْوِيلِ، وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ قَالَا، أَيْ: كِلَاهُمَا (فَقَالَ عُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ لَقَدْ رَأَيْتُنِي) أَيْ: أَبْصَرْتُ نَفْسِي (وَإِنِّي) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ، أَيْ: وَالْحَالُ إِنِّي (لَسَابِعُ سَبْعَةٍ) أَيْ: فِي الْإِسْلَامِ (مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) ؛ لِأَنَّهُ أَسْلَمَ بَعْدَ سِتَّةِ نَفَرٍ، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: أَيْ: وَاحِدٌ مِنْ سَبْعَةٍ جَعَلَ نَفْسَهُ سَابِعًا؛ لِأَنَّهُ سَبَّعَ السِّتَّةَ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِ الْآتِي بَيْنِي وَبَيْنَ سَبْعَةٍ أَنَّهُ ثَامِنٌ، لَكِنَّ قَوْلَهُ أُولَئِكَ السَّبْعَةُ بَدَلُ الْأَوَّلِ، وَأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ هُنَاكَ بَقِيَّةُ سَبْعَةٍ، قُلْتُ وَسَيَأْتِي أَنَّ رِوَايَةَ الْأَصْلِ بَيْنَ سَعْدٍ، وَأَنَّ فِي نُسْخَةٍ بَيْنَ سَبْعَةٍ، وَهِيَ تَصْحِيفٌ وَتَحْرِيفٌ فَالْمَدَارُ عَلَيْهِ ضَعِيفٌ (مَا لَنَا طَعَامٌ إِلَّا وَرَقُ الشَّجَرِ) بِالرَّفْعِ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ (حَتَّى تَقَرَّحَتْ) بِالْقَافِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ، وَفِي نُسْخَةٍ قَرِحَتْ عَلَى زِنَةِ فَرِحَتْ، وَفِي أُخْرَى بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ، أَيْ: جُرِحَتْ (أَشْدَاقُنَا) جَمْعُ شِدْقٍ بِالْكَسْرِ، وَهُوَ جَانِبُ الْفَمِ، أَيْ: صَارَتْ فِيهَا أَقْرَاحٌ وَجِرَاحٌ مِنْ خُشُونَةِ الْوَرَقِ الَّذِي نَأْكُلُهُ وَحَرَارَتِهِ (فَالْتَقَطْتُ) أَيْ: أَخَذْتُ مِنَ الْأَرْضِ عَلَى مَا فِي الصِّحَاحِ (بُرْدَةً) بِضَمِّ مُوَحَّدَةٍ وَسُكُونِ رَاءٍ شَمْلَةٌ مُخَطَّطَةٌ، وَقِيلَ كِسَاءٌ أَسْوَدُ مُرَبَّعٌ، فِيهِ خُطُوطٌ صُفْرٌ، يَلْبَسُهُ الْأَعْرَابُ، وَقَالَ مِيرَكُ: الِالْتِقَاطُ أَنْ يُعْثَرَ عَلَى الشَّيْءِ مِنْ غَيْرِ
قَصْدٍ وَطَلَبٍ (فَقَسَمْتُهَا) بِتَخْفِيفِ السِّينِ، وَيَجُوزُ تَشْدِيدُهَا (بَيْنِي وَبَيْنَ سَبْعَةٍ) أَيْ: ابْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَلَى مَا فِي الْأُصُولِ الْمُصَحَّحَةِ وَالنُّسَخِ الْمُعْتَمَدَةِ، قَالَ مِيرَكُ: وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ سَبْعَةٍ بَدَلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute