فِي الرِّوَايَةِ، وَإِلَّا فَقَدْ جَاءَ الْكَسْرُ أَيْضًا فِي اللُّغَةِ فَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْإِبِطُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ، وَكَسْرِهَا مَا تَحْتَ الْجَنَاحِ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ وَالْجَمْعُ آبَاطٌ، وَفِي الْقَامُوسِ: الْإِبِطُ بَاطِنُ الْمَنْكِبِ وَبِكَسْرِ الْبَاءِ، وَقَدْ يُؤَنَّثُ هَذَا، وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ فِي جَامِعِهِ أَيْضًا، وَقَالَ: مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ حِينَ خَرَجَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَارِبًا مِنْ مَكَّةَ وَمَعَهُ بِلَالٌ، إِنَّمَا كَانَ مَعَ بِلَالٍ مِنَ الطَّعَامِ مَا يَحْمِلُهُ تَحْتَ إِبِطِهِ.
(حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنْبَأَنَا) وَفِي نُسْخَةٍ أَخْبَرَنَا (عُثْمَانُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ الْعَطَّارُ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَجْتَمِعْ عِنْدَهُ غَدَاءٌ) بِفَتْحِ مُعْجَمَةٍ فَمُهْمَلَةٍ، وَهُوَ الَّذِي يُؤْكَلُ أَوَّلَ النَّهَارِ، وَيُسَمَّى السُّحُورُ غَدَاءً؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ غَدَاءِ الْمُفْطِرِ (وَلَا عَشَاءٌ) وَهُوَ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ: مَا يُؤْكَلُ عِنْدَ الْعَشَاءِ، وَأَرَادَ بِالْعَشَاءِ صَلَاةَ الْمَغْرِبِ عَلَى مَا فِي النِّهَايَةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَشَاءِ مَا يُؤْكَلُ آخِرَ النَّهَارِ، لَكِنْ لَمَّا كَانَ مِنْ عَادَةِ الْعَرَبِ أَكْلُهُمْ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ سُمِّيَ الْعَشَاءَ وَقَيَّدَهُ بِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ اللَّيْلِ، وَإِلَّا فَالْأَظْهَرُ أَنْ يَقُولَ الْمُرَادُ بِهِ صَلَاةُ الْعِشَاءِ، إِذْ إِطْلَاقُ الْعِشَاءِ عَلَى الْمَغْرِبِ مَجَازٌ، وَقَوْلُهُمْ مَا بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ تَغْلِيبٌ، وَأَمَّا حَدِيثُ (إِذَا حَضَرَ الْعَشَاءُ وَالْعِشَاءُ فَابْدَءُوا بِالْعَشَاءِ) فَيَعُمُّ الْحُكْمُ لَهُمَا، إِذِ الْغَرَضُ فَرَاغُ الْخَاطِرِ عَنْ تَوَجُّهِ النَّفْسِ إِلَى السِّوَى وَتَوْجِيهُ الْقَلْبِ إِلَى الْمَوْلَى، وَلِذَا قِيلَ: طَعَامٌ مَخْلُوطٌ بِالصَّلَاةِ خَيْرٌ مِنْ صَلَاةٍ مَخْلُوطَةٍ بِالطَّعَامِ (مِنْ خُبْزٍ وَلَحْمٍ) أَيْ: لَا يَجْتَمِعُ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي خُبْزٍ وَلَحْمٍ، وَالْمَعْنَى لَا يُوجَدَانِ اثْنَانِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا، بَلْ إِنْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا فُقِدَ الْآخَرُ، وَالْأَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ «مِنْ» زَائِدَةٌ أَوْ لَا يُوجَدُ مَزِيدٌ لِلْمُبَالَغَةِ (إِلَّا عَلَى ضَفَفٍ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَالْفَاءِ الْأُولَى، أَيْ: عَلَى حَالٍ نَادِرٍ، وَهُوَ تَنَاوُلُهُ مَعَ ضَيْفِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ شَيْخِ التِّرْمِذِيِّ (قَالَ بَعْضُهُمْ) أَيْ: مِنَ الْمُحَدِّثِينَ وَاللُّغَوِيِّينَ (هُوَ) أَيِ: الضَّفَفُ (كَثْرَةُ الْأَيْدِي) وَهِيَ تَحْتَمِلُ الْقَوْلَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا، وَقَالَ أَبُو يَزِيدَ: الضَّفَفُ الضِّيقُ وَالشِّدَّةُ، وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ كَثْرَةُ الْعِيَالِ وَأَنْشَدَ.
لَا ضَفَفَ يَشْغَلُهُ وَلَا ثِقَلُ.
أَيْ لَا يَشْغَلُهُ عَنْ حَجِّهِ وَنُسُكِهِ عِيَالٌ، وَلَا مَتَاعٌ، وَقَالَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ: سَأَلْتُ بَدَوِيًّا فَقَالَ: تَنَاوُلًا مَعَ النَّاسِ، وَقَالَ الْخَلِيلُ: كَثْرَةُ الْأَيْدِي مَعَ النَّاسِ
كَذَا ذَكَرَهُ مِيرَكُ، وَفِي النِّهَايَةِ الضَّفَفُ: الضِّيقُ وَالشِّدَّةُ، وَمِنْهُ مَا يَشْبَعُ مِنْهُمَا إِلَّا عَنْ ضِيقٍ وَقِلَّةٍ، وَقِيلَ هُوَ اجْتِمَاعُ النَّاسِ، أَيْ: لَمْ يَأْكُلْهُمَا وَحْدَهُ وَلَكِنْ مَعَ النَّاسِ، وَقِيلَ الضَّفَفُ أَنْ يَكُونَ الْأَكَلَةُ أَكْثَرَ مِنْ مِقْدَارِ الطَّعَامِ، وَالْحَفَفُ أَنْ يَكُونُوا بِمِقْدَارِهِ انْتَهَى، وَيُرْوَى (شَظَفٍ) بِشِينٍ وَظَاءٍ مُعْجَمَتَيْنِ مَفْتُوحَتَيْنِ، قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ الضَّفَفُ وَالْحَفَفُ وَالشَّظَفُ كُلُّهَا الْقِلَّةُ وَالضِّيقُ فِي الْعَيْشِ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: جَاءَنَا عَلَى ضَفَفٍ وَحَفَفٍ أَيْ: عَلَى حَاجَةٍ، أَيْ: لَمْ يَشْبَعْ، وَهُوَ رَأْفَةُ الْحَالِ مُتَّسِعُ نِطَاقِ الْعَيْشِ، وَلَكِنْ غَالِبًا عَلَى عَيْشِهِ الضَّيِّقُ وَعَدَمُ الرَّفَاهِيَةِ، وَقِيلَ الضَّفَفُ اجْتِمَاعُ النَّاسِ أَيْ: لَمْ يَأْكُلْ وَحْدَهُ وَلَكِنْ مَعَ النَّاسِ كَذَا فِي الْفَائِقِ، وَقَالَ صَاحِبُ الْقَامُوسِ: الضَّفَفُ مُحَرَّكَةٌ كَثْرَةُ الْأَيْدِي عَلَى الطَّعَامِ أَوِ الضِّيقُ وَالشِّدَّةُ أَوْ يَكُونُ الْأَكَلَةُ أَكْثَرَ مِنَ الطَّعَامِ وَالْحَاجَةِ.
(حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ) مُصَغَّرًا (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ) بِالتَّصْغِيرِ (حَدَّثَنَا) وَفِي نُسْخَةٍ أَنَا (ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ جُنْدُبٍ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَالدَّالِ وَبِفَتْحٍ (عَنْ نَوْفَلِ) بِفَتْحِ الْفَاءِ (بْنِ إِيَاسٍ) بِكَسْرِ الْهَمْزِ (الْهُذَلِيِّ) بِضَمِّ هَاءٍ وَفَتْحِ مُعْجَمَةٍ (قَالَ كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ) وَهُوَ أَحَدُ الْعَشَرَةِ الْمُبَشَّرَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - (لَنَا جَلِيسًا) أَيْ: مُجَالِسًا (وَكَانَ نِعْمَ الْجَلِيسُ) أَيْ: هُوَ (وَإِنَّهُ) بِكَسْرِ الْهَمْزِ (انْقَلَبَ) أَيْ: رَجَعَ (بِنَا) الْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ أَوِ الْمُصَاحَبَةِ، أَيِ انْقَلَبَ مَعَنَا أَوْ مُصَاحِبًا لَنَا مِنَ السُّوقِ أَوْ غَيْرِهَا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِلتَّعْدِيَةِ، أَيْ: رَدَّنَا مِنَ الطَّرِيقِ (ذَاتَ يَوْمٍ) أَيْ: يَوْمًا مِنَ الْأَيَّامِ (حَتَّى إِذَا دَخَلْنَا بَيْتَهُ وَدَخَلَ) قَالَ شَارِحٌ: أَيْ بَيْتَهُ، وَالصَّوَابُ أَنَّهُ دَخَلَ مُغْتَسَلَهُ (فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ خَرَجَ) قِيلَ حَتَّى ابْتِدَائِيَّةٌ، وَالْجُمْلَةُ بَعْدَهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الِانْقِلَابَ مَعَهُ صَارَ سَبَبًا لِمُشَاهَدَةِ هَذِهِ الْأُمُورِ، (وَأَتَيْنَا) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ مِنَ الْإِتْيَانِ (بِصَحْفَةٍ فِيهَا خَبْزٌ وَلَحْمٌ) وَهِيَ إِنَاءٌ كَالْقَصْعَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute