يَكُونَ الْمَلَكُ مَرْئِيًّا فِيهِ، فَلَا تَدَافُعَ بَيْنَهُمَا انْتَهَى.
وَزِيدَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ الْمُصَحَّحَةِ وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرًا، أَيْ: عَشْرَ سِنِينَ (وَتُوُفِّيَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ مِنَ التَّوَفِّي، أَيْ: وَمَاتَ (وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ) أَيْ: سَنَةً، كَمَا فِي نُسْخَةٍ، قَالَ الْبُخَارِيُّ هَذَا أَكْثَرُ فِي الرِّوَايَةِ، وَرَجَّحَ أَحْمَدُ أَيْضًا هَذِهِ الرِّوَايَةَ، قَالَ مِيرَكُ: فِي قَدْرِ عُمُرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ: إِحْدَاهُمَا أَنَّهُ تُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ سِتِّينَ سَنَةً، وَالثَّانِيَةُ خَمْسٌ وَسِتُّونَ، وَالثَّالِثَةُ ثَلَاثٌ وَسِتُّونَ، وَهِيَ أَصَحُّهَا وَأَشْهَرُهَا، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُعَاوِيَةَ وَمُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ عَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَمُعَاوِيَةَ أَيْضًا، وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنْ أَصَحَّهَا ثَلَاثٌ وَسِتُّونَ وَتَأَوَّلُوا بَاقِيَ الرِّوَايَاتِ عَلَيْهَا
فَرِوَايَةُ سِتُّونَ مَحْمُولَةٌ عَلَى أَنَّ الرَّاوِيَ اقْتَصَرَ فِيهَا عَلَى الْعُقُودِ وَتَرْكِ الْكُسُورِ، وَرِوَايَةُ الْخَمْسِ مُتَأَوَّلَةٌ أَيْضًا بِإِدْخَالِ سَنَتَيِ الْوِلَادَةِ وَالْوَفَاةِ أَوْ حَصَلَ فِيهَا اشْتِبَاهٌ، وَقَدْ أَنْكَرَ عُرْوَةُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَوْلَهُ خَمْسٌ وَسِتُّونَ، وَنَسَبَهُ إِلَى الْغَلَطِ، وَقَالَ إِنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ أَوَّلَ النُّبُوَّةِ، وَلَا كَثُرَتْ صُحْبَتُهُ بِخِلَافِ الْبَاقِينَ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقَامَ بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ الْهِجْرَةِ عَشْرَ سِنِينَ، وَبِمَكَّةَ قَبْلَ النُّبُوَّةِ أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي قَدْرِ إِقَامَتِهِ بِمَكَّةَ بَعْدَ النُّبُوَّةِ وَقَبْلَ الْهِجْرَةِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَيَكُونُ عُمُرُهُ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ أَنَّهُ بُعِثَ عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ سَنَةً هُوَ الصَّوَابُ الْمَشْهُورُ الَّذِي أَطْبَقَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ الْمُحَقِّقِينَ عَلَيْهِ، وَحَكَى الْقَاضِي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ رِوَايَةً شَاذَّةً أَنَّهُ بُعِثَ عَلَى رَأْسِ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً، وَالصَّوَابُ أَرْبَعُونَ، قَالَ مِيرَكُ: وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَجْهُ الْخِلَافِ فِي مُدَّةِ الْبَعْثِ وَالدَّعْوَةِ؛ لِأَنَّ دَعْوَتَهُ مُجَاهَرَةً بَعْدَ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ، بَعْدَ نُزُولِ آيَةِ (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ) أَيْ: فَاجْهَرْ، وَظُهُورُ الدَّعْوَةِ حِينَئِذٍ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ) وَفِي نُسْخَةٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ (عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ جَرِيرٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ) أَيْ: ابْنِ أَبِي سُفْيَانَ (أَنَّهُ) أَيْ: جَرِيرًا (سَمِعَهُ) أَيْ: مُعَاوِيَةُ (يَخْطُبُ) أَيْ: حَالَ كَوْنِهِ خَطِيبًا (قَالَ: مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ، وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -) أَيْ: كَذَلِكَ، وَالْمَعْنَى أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَاتَ وَعُمُرُهُ ثَلَاثٌ وَسِتُّونَ، وَأَرَادَ بِهِ الْقَوْلَ الْأَصَحَّ فِي عُمَرَ وَأَبِي بَكْرٍ، وَإِلَّا فَقِيلَ: ابْنُ تِسْعٍ أَوْ ثَمَانٍ أَوْ سِتٍّ أَوْ إِحْدَى وَخَمْسِينَ، ثُمَّ اسْتَأْنَفَ بِقَوْلِهِ (وَأَنَا ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ) أَيْ: سَنَةً، كَمَا فِي نُسْخَةٍ وَأَغْرَبَ شَارِحٌ بِقَوْلِهِ، وَفِي رِوَايَةٍ بِزِيَادَةِ سَنَةٍ، ثُمَّ الْمَعْنَى فَأَنَا مُتَوَقِّعٌ أَنْ أَمُوتَ فِي هَذَا السِّنِ مُوَافَقَةً لَهُمْ، قَالَ مِيرَكُ: لَكِنَّهُ لَمْ يَنَلْ مَطْلُوبَهُ وَمُتَوَقَّعَهُ، بَلْ مَاتَ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ ثَمَانِينَ، قُلْتُ لَكِنْ حَصَلَ مَطْلُوبُهُ مِنَ الثَّوَابِ لِأَمَلِهِ، فَنِيَّةُ الْمُؤْمِنِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ، وَفِي جَامِعِ الْأُصُولِ كَانَ مُعَاوِيَةُ فِي زَمَانِ نَقْلِهِ هَذَا الْحَدِيثَ فِي هَذَا السَّنِّ وَلَمْ يَمُتْ فِيهِ بَلْ مَاتَ وَلَهُ ثَمَانٍ وَسَبْعُونَ سَنَةً، وَقِيلَ سِتٌّ وَثَمَانُونَ، قُلْتُ: وَلَمْ يَذْكُرْ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَإِنَّهُ قُتِلَ وَلَهُ مِنَ الْعُمُرِ ثِنْتَانِ وَثَمَانُونَ سَنَةً، وَقِيلَ ثَمَانٍ وَثَمَانُونَ سَنَةً، وَلَمْ يَذْكُرْ عَلِيًّا - كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ - مَعَ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ قُتِلَ وَلَهُ مِنَ الْعُمْرِ ثَلَاثٌ وَسِتُّونَ، وَقِيلَ خَمْسٌ وَسِتُّونَ، وَقِيلَ سَبْعُونَ، وَقِيلَ ثَمَانٍ وَخَمْسُونَ، عَلَى مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمِشْكَاةِ فِي أَسْمَاءِ رِجَالِهِ لِلِاخْتِلَافِ الْوَاقِعِ بَيْنَهُمَا، أَوْ لِعَدَمِ مَعْرِفَتِهِ بِعُمْرِهِ بِسَبَبِ تَعَدُّدِ الرِّوَايَاتِ أَوْ لِكَوْنِهِ حَيًّا حِينَئِذٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مَهْدِيٍّ) بِصِيغَةِ الْمَفْعُولِ عَلَى وَزْنِ مَرْمِيٍّ (الْبَصْرِيِّ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِهَا (حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ) بِالْجِيمَيْنِ مُصَغَّرًا (عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَاتَ، وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً) فَهُوَ أَحْسَنُ مُدَّةَ الْعُمْرِ، وَلِهَذَا لَمَّا بَلَغَ عُمْرُ بَعْضِ
الْعَارِفِينَ هَذَا السِّنَّ هَيَّأَ لَهُ بَعْضَ أَسْبَابِ مَمَاتِهِ إِيمَاءً إِلَى أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ لَذَّةٌ فِي بَقِيَّةِ حَيَاتِهِ.
(حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ وَيَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ قَالَا) أَيْ: كِلَاهُمَا (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ) بِضَمِّ مُهْمَلَةٍ وَفَتْحِ لَامٍ وَتَشْدِيدِ تَحْتِيَّةٍ، وَهِيَ أُمُّهُ وَاسْمُ أَبِيهِ إِبْرَاهِيمُ، وَكَانَ يَكْرَهُ هَذِهِ النِّسْبَةَ لَكِنْ غَلَبَتْ عَلَيْهِ بِالشُّهْرَةِ (عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ) بِفَتْحِ مُهْمَلَةٍ وَتَشْدِيدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute